إنهم يذبحون المستقبل
لم يذهبون الي الخلا ولم يجلبوا حجارة من الفلاة منهم من واقعه أليم وعقله سقيم ومنهم من خاض غمارها ولا يعرف مآلها وصغير عمر وصغير عقل غرر بهم يطوف عليهم نافخ الكير يحمل حبوبه ويرسل خبوبه فيذوقون من آيس يضرب حولهم الأسي فيرمي صاحب الغرض فوقهم شباكه وتحيط بهم حباله ويتحكم في حركتهم توجيها واتجاها وحتي اذا تجاهلهم يأتون إليه مذعنين ويتحلقون حوله إذ صار عندهم شيخ حلقة وناصح أمين وناصر حق يقفون عنده وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه ومحطة وقود لا يستطيعون إلا الوقوف بها وإذ ظنوا بظن عقلهم الغائب بأن هذا طريق الرشاد فذهبوا فيما ذهبوا ووردوا مع الذين ووردوا بحور الهلاك فذاك الذي ركب قوارب الموت فاستقر في بطن الحوت ولم يكن من المسبحين فصار طعاما سائغا للحوت فأكله هنئا مرئيا وهذا عقله ذهب وللمعلم وهب ومعاذ الله أن يكون صاحب السبورة وحامل الطبشيرة إنه من يوزع عليهم الهباب ويرسل إليهم الصنف فيأتون طوع بنانه ثم تراهم في الشوارع تعرفهم بسيماهم تتطاير عيونهم شررا توحي إليك أنهم يحملون شحنة زائدة لم يأتون بحجارتهم بل يخربون الأرصفة ويمزقون حرمة الشوارع فإذا سألتهم قالوا غاضبون ولا ندري هل علي الشوارع وأرصفتها غاضبون وفي خرابها يتم تفريغ الغضب فهل يا تري الشوارع ظالمة أم مشي عليها الظالمون ، ثم ملوك إشتباك وهل الملوك يشتبكون أم من بلاطهم يحكمون أم أن هؤلاء الذين يدخلون القرية فيجعلون أعزة أهلها أذلة فما أشبههم بالذين يخربون بيوتهم بأيديهم فتري الشوارع مكفهرة محفورة الجسد منثورة الحجارة منزوعة الحجاب كأنما أصابها وابل قذف المدافع أو طاف عليها أوباش المغول ومتوحش التتار ثم يقولون غاضبون فهل سألوا أنفسهم علي من غاضبون أو نظروا حالهم وتحسسوا رأسهم وغسلوه بماء طاهر أو طهور وشربوا من كؤوس المحبة الممزوجة بحب التراب المتزاوجة مع المجد عندها يعود عقلهم ويعلمون عندها أن هذه هي أرضهم وهذا شارع مدينتهم يجب أن يحفظوه سالما مبتسم الأرصفة لا حطام وعر المسالك يتعثر عليه السالك ، إنها ليست دعوة لتكميم الأفواه ولا الحط من عظمة الثورات ولا الاستهانة بمكتسبات الثورة فالتظاهر حق لكنه بأدب الذين يريدون للأرض إعمارا وللبلاد إزدهارا ويعلم الغافلون بأن الثورة جهد فوق جهد والثورة عمل وصبر ومثابرة وبناء وليست خراب ودمار ، فالثورة جمال مظهر وحلاوة صورة وبلاد منصورة وجوهرة جواهر ولؤلؤة بضة ، منصورة بالأمان وزاهية بالعمران لا وجود لمخرب ولا قاطع طريق ولا مكان لمشكك ولا مشكوك فيه ، فادعو كما شئتم للمواكب ولكن ان تسيروا بإحترام وان لا تصادموا أحد وأن تعطوا للشارع حقه ، ولما كنتم أهل خراب وصدام مع الشرطة وان لم تأتي إليكم تذهبون إليها ولا نبرئ هذا أو نتصر لذاك فهذا ما علمنا وما رأينا وشهدنا وحضرنا لذلك فقدت المواكب رونقها وقل روادها عندما انحرف مسارها وارتفع فيها جانب التخريب وسادها التخوين وقلت وانعدمت فيها روح الثورة وطغت فيها عوامل الشر وأشياء خفية يتعفف من ذكرها اللسان ويخجل منها البيان لذا لم تكن محضورة وقل المشاركون بعد أن انتشرت السموم وصال الذين يبيعون الوهم وبرز أهل الشقاق وعلا أهل النفاق وتبددت الأحلام وكبت الجواد كبوة لا فكاك منها حين علاها غير فارسها ورعاها غير راعيها وعلي كل حال علي الأسر أن تتحسس سير بنيها ومع من يسيرون وبأي طريق يسلكون فإن هنالك من يتربص بالمستقبل فقد أصبح ذلك ظاهر للعيان فزوروا المصحات تعلموا وانظروا العيون تعرفون فأي بلاد تنتظرون وهنالك من يحمل معاول الهدم ويرمي بسهامه الصدئة المستقبل فلنقف أكثر من مرة ولننظر حولنا ملئا ونتحسس شوارعنا ونتابع مسيرة وسلوك أبنائنا حتي لا تضرب عقولهم العاصفة الهوجاء والناسفة للمستقبل حيث لا صلاح بعدها , فهذا هو الحال وان لم نتقبل بعضنا ونلتفت لهذه البلاد ونعطيها حقها فإني أري التراب علي الأفواه تكال والحصباء علي الروؤس تصب ولا مهرب يوم ذاك فهل بلغت ، اللهم فاشهد .
*شندقاوي*