إنهم يقتلون المستقبل
لم تمش الحياة كما يريدها الناس ولم يمض الوجود جميلا حتي لو رددت قول الشاعر كن جميلا تري الوجود جميلا ولكن هنالك منعرجات ومنحنيات تخرجك عن المسار وترمي بك في مكان زلق ، قد لا يخص الأمر فرد بل هو مسئولية جماعية ولكنه خطير ولا يمكن الصمت عليه أو أن تتمسك بقول جحا لم يصل الخطر بيتنا ، إنها نهاية جيل وخراب أمة ، وحوادث تتري لم يمر عليها صاحب البصر الثاقب مرور الكرام بل هي مهدد وجود وفناء وطن ونهاية مستقل ، حوادث غريبة علي المجتمع وأفعال بعيدة عن الأخلاق السودانية وجديدة علي المجتمع ولم نسمع بها في أبائنا الأولين وقد كنا نسير في وسط المدينة فكهين وفي أطرافها مطمئنين ثم ينقلب الجميع انصاف الليال الي بيوتهم فرحين لا يحملون غلا ولا بغضاء حتي لو كانت بينهم ضوضاء فغدا يعودوا في عناق وفي هزل ، هكذا كانت الحياة في السودان بوتقة مودة موصولة وحبال حب مفتولة لو قطعتها السيوف لأنبري الأكابر وجبروا الخواطر وعادت المياه الي مجاريها ، ولكن لا ندري ما جري فهل مر هاروت وماروت من هنا وقد كثر القيل والقال وكثرة السؤال وبمثلها مغيبات العقول وإن لم تكن لها فأنت جاهل أو مجهول فأصبحت في قارعة الطريق مبذولة لها مروجين بل مدعومة الثمن في حين عز الدواء علي السقيم ، إنها ظاهرة تهدد مستقبل أمة وحياة جيل وأدخلتنا في فتيل ومستشفيات تعج بالذين ذهب عقلهم بالهباب من شابات وشباب في مقتبل العمر ونائرات خدود في عمر الزهور عمر الهناء ، وقتل هنا وموت هناك وجرائم يومية وعبث بمستقبل البلاد التي إن مضي هكذا حال لحشرت الي بعشر زمرا ، فمن الذي يريد أن يغتال المستقبل ويقضي علي حياة أمة ، إنهم المتربصون الحاقدون الحاسدون يريدون لأرضنا الخراب ليسرقوا نيلها وتبرها وترابها ويجعلونها سراب وأرضها يباب ، فمتي نترك النوم ونصحوا وأين السلطات من ذلك ، ألم تصل بريدها الرسالة الخطيرة وحوادث القتل المدونة يوميا في دفاتر اليومية أم أنها شعارها وقولها ما قال جحا ، ورسالة الي الأسر راقبوا أبنائكم صباح مساء حتي لا تصبحوا ذات صباح بين قتيل وجرح وتصابوا بنيران صديقة ، فالآيس بالقرب منكم والشبو بالظل يجلس فما عليكم إلا أن ترددوا قول طارق بن زياد ( البحر خلفي والعدو إزاي ضاع الطريق الي السفينة وراء ) فاحكموا أمركم حتي لا يضيع عمركم فجرس الخطر دق كما تدق القلوب وعلي السلطات أن تراجع أمرها وتؤدي فرضها وتقوم بمسئوليتها فإن الخطب جلل وطوفان ماثل فإن لم تكونوا بالمرصاد لقضي الأمر الذي فيه تستفتيان .
محمد عثمان المبارك