الجيش مغتصب النساء
بابكر اسماعيل
والجعظري هو المنتفخ بما ليس فيه وقد جاء في الأثر “إنّ أهل النّار كلُّ جواظ جعظري مستكبر” والجواظ لها معانٍ كثيرة وأقربها لما نريد هو كثير الكلام أو صاحب جوطة أو جوّاط ..
تذكرت هذا الحديث عندما رأيت مقطعاً فيه فتاة سافرة متزينة نحيلة أقرب للقصر ترتدي صديرياً أسود قصير وتحته تيشيرت أزرق بأكمام قصيرة وربطت حول حقويها قطعة من القماش متعدد الألوان تشبه علم دولة جنوب السودان وطليت شفاهها بلون أحمر فاقع .. .. وتبدو هذه الشكلوتة الجعظرية من ملامحها أنها في أول أو منتصف العشرين من عمرها ..
وقفت هذه البنت في وسط دائرة وحولها جوقة من الشباب الذكور يرددون خلفها بوله وهي تصيح بملء فيها: واصفة ضباط وجنود جهاز المخابرات والأمن بأنهم صناع الدمار .. وأنّ جنود الدعم السريع كلاب وأولاد حرام .. وتصف الجيش السوداني العظيم بأنه مغتصب النساء .. !
كل ذلك في تسجيل متداول في الأسافير …
فركت عينيّ لأتأكّد مما أري ثمّ أرجعت المقطع كرتين فانقلب بصري حسيراً وعجبت من جرأة الفتاة وفجور لسانها في الإساءة لقواتنا النظامية بكلّ مكوّناتها من مخابرات ودعم سريع وشرطة وجيش .. ووصفها جميعها بأقذع الألفاظ ..
تساءلت من أين جاءت هذه البنية هل هي سودانية شربت من نيلنا .. ؟
واستظلت بسماء هذا الوطن وحدّقت في نجومه ..؟
هل تنسّمت عبيره ورضعت قِيَمَه من ثدي أمها؟
أشكّ في ذلك فقد بدت في بعض ملامحها أقرب لشعوب شرق إفريقية .. ولكنّها تنطق بلسان سوداني سليم ..! وعلمت لاحقاً أنها ناشطة من ساكني الجريف غرب حيث “الشرق أتي والغرب أتي” …ويراودني إحساس أحياناً بأن القرن الإفريقي يبدأ عند محطة الإصلاحية بشيطة الجريف غرب وينتهي في أديس ..
ساءتني تلك الألفاظ والأوصاف المهينة لقواتنا النظامية ورمز عزتنا وحامية حمانا وشريكة ثوّار ديسمبر
وقطعاً هذه الفتاة لم تر ذلك الشابّ الوضيء – الملازم الشهيد/ وداعة الله إبراهيم (رحمه الله) في مطلع تسعين القرن الماضي وربما كان آنذاك في مثل عمرها الآن أو أصغر .. لم تره وهو يلقي قصيدة علي قوات متحرك مسك الختام وهم يتأهبون للذهاب إلي ساحات الوغي فقال:
يلا يا مسك الختام ..
اضرب الخونة اللئام
وخلَّ عزة تعود عروس ..
زاهية في مسك الختام
عزة يا ما جوك رجال
رضعوا من شرفك كتير
شالوا من إيديك حسام
شالو منك عزة النفس الأبية
ووقفة الأسد الهمام
الخ ….
كيف يغتصب جيشنا النساء .. وفيه أمثال الشهيد النقيب وداعة الله إبراهيم الذي يفتخر بنساء بلده ويتغزل في طهرهنّ ويترنم بعشقهنّ..؟
قاتل جيشنا في جنوب السودان لنصف قرن كامل ولم يُتهم باغتصاب امرأة واحدة .. كيف يوصف هذا الجيش بأنّه مغتصب للنساء ؟ ساء ما يصفون ..
جيش السوداني شَرُفَ بأمثال العميد الشهيد والعابد الزاهد والأسد الهصور عبد المنعم الطاهر – “أب أحمد” المكحّل بالشطة .. فلا ينبغي له أن يغتصب النساء .. وفيه مثل هؤلاء الأطهار ..
جيشنا الذي حمي أرضنا وعرضنا كلّما طرق أبوابنا “طارق” سوءٍ من “لدن” وثبة الأسود .. مروراً بمسك الختام .. وصيف العبور ومعارك الميل أربعين .. ومعارك خور إنجليز .. وخور دنقو .. وتحرير هجليج .. وصدّ العدوان عن أمدرمان وملحمة كبري المهندسين ..
فقد أطّت الأسافير الكذوب بحكايات وروايات لم يعضدها برهان كشف طبي أو شهادة عدول..
ومن هذه الروايات قصة تلك الطبيبة من غرب السودان والتي كانت تقيم بعد تخرجها في هناء بإحدي دول الخليج.. فوسوس لها شياطين الكفاح المسلح فأغروها باللجوء إلي بريطانيا والادعاء بأنها اغتصبت بواسطة الجيش السوداني في دارفور وهي لم تر دارفور في حياتها فقد عاشت في الجزيرة ودرست الطبَّ في جامعتها ..
وتلقف قصة اغتصابها أرزقية منظمات السوء المعادية للسودان المأجورون .. وطافوا بها عواصم الغرب وألّفوا لها كتاباً باللغة الإنجليزية نسجوا فيه أكاذيب بلقاء ونفثوا فيه من السموم الزعاف .. ليشوّهوا سمعة جيشنا المحترف .. وقبض الخونة اللئام ثمن خيانتهم جاهاً ومناصب رنّانة ولكن أعياهم إصلاح ما خرّبوه ..
لن ننزه جيشنا من هنات من بعض رجاله ممن أهانوا شرف الجندية فقد رأينا ضابطاً برتبة عالية يرقص ويتثني وهو يرتدي البزة الرسمية.. وآخرون لم يراعوا الحياد وولغوا في بركة السياسة الآسن مداهنة لشباب طائشين ..
وأمثال هؤلاء السجمانين قلة في الجيش السوداني المؤسسة العسكرية المنضبطة .. التي تأسست قبل قرابة قرن من الزمان .. وخاص جيشنا كثيراً من الحروب داخل وخارج السودان .. فقويت بها شوكته وازدادت بها شكيمته صلابة .. جيش شعاره “جهاد ، نصر ، شهادة”