السودان في مخيلة حميدتي
رشان أوشي … تكتب…
لو شاء المرء أن ينظر بواقعية إلى “الدرس” الذي يريد “حميدتي” تلقينه للشعب السوداني من خلال ما ترتكبه قواته من فظائع في الخرطوم، كردفان ودارفور بحق المدنيين، لما استطاع الوصول إلا إلى نتيجة واحدة؛ أن القوة المفرطة وأعمال القتل هي الضامن الوحيد لاحتفاظ الدعم السريع ب “الحق في البقاء”، وأن التسويات والاتفاقات، والضمانات الدولية، لا توفر الاطمئنان الكافي لآل دقلو لضمانة البقاء، هذا من جانب.
الجانب الآخر، يحاول “حميدتي” ضمان بقاء آمن بإقليم دارفور، الذي يسعى لجعله منصة انطلاق عملياتية جديدة، لذلك حاول بث رسائل موجهة لقوى الكفاح المسلح بالانضمام لمشروع الدفاع عن حقوق أهل دارفور، بعد سقوط مشروع التحول الديمقراطي في الخرطوم، وإثارة فتنة طبقية وقبلية قائلا: ” القطية والعمارة واحد”، مع أن معظم العمارات الفخمة بالخرطوم التي تعرضت أيضا للنهب والتدمير تعود لرجال أعمال من دارفور.
كشف “دقلو” عن كراهية عمياء، وحقد كبير يجيش به صدره تجاه “البرهان”، رغم أفضال الأخير عليه، بأن آواه، ووفر له السند والحماية، وعينه نائبا له، ومنحه سلطات وامتيازات لا يستحقها، كان يصد ضباط الجيش عندما يعترضون على تمدد نفوذ قائد المليشيا، ولكن لأنه مخلوق من طينة الغدر والخيانة، عض تلك اليد التي امتدت له.
أكاذيب “حميدتي” التي يحاول أن يشوه بها مواقف رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش، توضح أن الرجل لم تكن نيته صافية طيلة سنوات وجوده كنائب للبرهان، بل كان منافقا باحترافية عالية.
الإسلاميون صنعوا “حميدتي” ولم يصنعوا “البرهان”، لأن الأخير حصل على رتبته العسكرية عبر بوابة الكلية الحربية التي تقبل في صفوفها أبناء الشعب السوداني عبر آليات معروفة، ترقى كاستحقاق لضابط شاطر، أما “حميدتي” فقد صنعه البشير كأداة لتنفيذ أجندة سياسية، وهذه حقائق كالشمس لا يمكن إنكارها ولا التغطية عليها عبر خطاب المظلومية وحقوق المهمشين، فيد السلطة الباطشة لا يمكن أن تتحول لصفوف النضال ضد الظلم السلطوي أبدا… هذا لا يحدث إلا في مخلية “حميدتي”.
كل الحملات الإعلامية المنظمة ضد القائد العام للجيش هي صنيعة مليشيا حميدتي ورعاتها الإقليميين، محاولات النيل من هيبة رئيس مجلس السيادة، والتشكيك في وطنيته وولائه لبلاده وشعبه، والطعن في تأهيله كقائد، ما هي إلا حملات انتقامية، يفرغ عبرها “حميدتي” سموم حقده الأعمى على “البرهان” صاحب الفضل عليه.
لن تنطلي أكاذيب “حميدتي” على الشعب السوداني من الخرطوم وحتى دارفور، لأن أفعال جنوده تفضح بكل واقعية حقيقة دوافع هذه الحرب، وأولها الانتقام.
“البرهان” هو القائد العام للجيش الوطني، جنوده يثقون به، والدليل على ذلك أنه ما زال حتى الآن قائدهم، ولم يخرجوا عليه، لذلك محاولات الاصطياد في الماء العكر لن تجدي، لأن جنود البرهان حريصون على قتالك والقضاء عليك، ثأرا لشعبهم الذي انتهكت عروضه، ولقائدهم الذي غدرت به.
محبتي واحترامي…