الصراع العالمي على موطئ قدمٍ بالقارة السمراء
السودان وتوهان البوصلة بين ماهو سياسي وما هو أمن قومي
كتب رئيس التحرير
ليس من باب الفراغ هذا الصراع العالمي نحو موطن قدم في القارة السمراء ، إذ أنها آخر موطن للذهب والسهوب الزراعية والنفط واليورانيوم للغرب . وهي موطن الأفذاذ من لاعبي كرة القدم لأوروبا لا سيما فرنسا
من جانبهما تسعى كل من الصين وروسيا للشراكات الاقتصادية والأمنية بمعزلٍ عن الهيمنة السياسية ، أما الغرب فإن الهيمنة السياسية عنده هي المدخل للموارد .
أكبر المراهنين على التدخل من الغرب هم جبابرته ؛ أمريكا وبريطانيا وفرنسا ، وتعاني فرنسا حاليا عقب طردها من مالي وبوركينا فاسو والتشكك الجنوب أفريقي في نواياها ، أما أمريكا فهي تعمد لاستخدام مجلس الأمن لتمرير أجندتها في القارة .
الحراك الأخير لوزير الخارجية الروسي لافروف يغض مضاجع الغرب كونه يجئ في أعقاب طرد فرنسا من الدولتين .
ويدرك الغرب أن أيام الهيمنة على أفريقيا باتت معدودة . ويكفي ما نقلته شبكة اسكاي نيوز من حديث الجنرال المتقاعد والخبير الأمني في إفريقيا والمدير السابق للتعاون الأمني والدفاعي في وزارة الخارجية الفرنسية، برونو كليمان بولي في مقالٍ بجريدة لوموند الفرنسية وهو يقرر : “أن فرنسا والغرب بشكل عام يجب أن يدركوا أن الوضع في إفريقيا قد تغير والعصر الذي كانت فيه أساليبهم واستراتيجياتهم صالحة قد انتهى بالفعل” . ويتابع : “بدأ الشعور برفض نهجنا وأساليبنا ومشاريعنا. فرنسا على خط المواجهة ، تلقت الرسالة مباشرة في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى وحتى بوركينا فاسو وقد تتبنى الفكرة دول إفريقية أخرى في المستقبل القريب. إنها تدفع ثمن تهاونها مع ثمرة التاريخ المشترك والحماقات المتكررة”. “
أما بالنسبة للسودان فإن الهشاشة السياسية والإختراقات الاستخبارية عبر عملاء الداخل تيسر الهيمنة الغربية ، وتمثل الترويكا الغربية وبعثة الأمم المتحدة الجزء الطافي من جبل الجليد ، وطبيعي أن يحتدم الصراع في مثل هذه البيئة بين ماهو سياسي وما هو أمن قومي .
ومن هنا فإن العقبة الكؤود أمام الأطماع الغربية تظل هي القوات النظامية ، وبالتالي يظل المطمع الغربي هو إضعاف الجيش عبر عملاء الداخل عبر تفكيك المنظومة بأسرها ، وعندها يصبح السودان هو اللقمة السائغة بحيث يسهل عبره استعادة الهيمنة على القارة البكر .
وتستغل براثن الغرب التخليط الماثل بين ما هو سياسي وماهو أمن قومي للإجهاز على الطريدة المثخنة ويتواصل السعي لتحييد المؤسسة العسكرية ، وإذا ما دانت البلاد للنشطاء عندئذٍ تكون الرباعيات والثلاثيات والترويكا والمبعوثين قد أدوا ما عليهم ، وخلعوا أنياب الأسد وشذبوا أظافره الحادة الخشنة وطلوها بآخر تقليعات كرستيان ديور، ورجلوا شعر عنقه الكث لتتكامل عملية التدجين .