زين العابدين صالح عبد الرحمن
في البدء أشكر الأستاذ عادل إبراهيم حمد رئيس حزب الأشقاء و الذي أرسل إلي مسودة مشروع وحدة الاتحاديين و أطلق عليها ” مشروع جديد للوحدة الاتحادية” و بنود المشروع تتكون من ثلاثة محاور هي ” المحور التنظيمي – المحور السياسي – معاش المواطنيين” و يقول الخبر عقد إجتماع في القاهرة بين مكونين اتحاديين “مجموعة الحزب الاتحادي الأصل برئاسة محمد الحسن الميرغني” و الثاني “حزب الأشقاء برئاسة عادل إبراهيم حمد”.. و هي خطوة أولى في مسار الوحدة، و يقول البيان الذي صدر عقب الاجتماع ( أن الحرب المدمرة في السودان تستوجب على القوى الوطنية المخلصة الإسراع في تقديم مشروع وطني جامع يوقف الحرب، و يرسم طريق الانتقال الديمقراطي.. و من خلال البيان يفهم أن مشروع الوحدة رغم أنه معنى بوحدة الاتحاديين، و لكن ذات المشروع ذو ثلاثة بنود يصلح أن يكون هو مشروع لوقف الحرب، لأنه يتعلق بنقطتين اساسيتين؛ الأولى في المحور السياسي الذي يتحدث عن الفترة الانتقالية، و هو محور يحمل في أحشائه العديد من الاختلافات الجوهرية بين القوى السياسية.. و الثاني محور معاش المواطنين، و هي مرتبطة بالتصور الاقتصادي و أيضا فقرة ذات حمولات إختلافية في كيفية تحسين معاش المواطنين..
أن الدعوة للوحدة بين التيارات الاتحادية مسألة مطلوبة و ضرورية، خاصة في ظل الحرب الدائرة في البلاد، و هي حرب أسبابها سياسية و تتعدد فيها الأجندة الوطنية، و أيضا أجندة حزبية و شخصية و خارجية، و تعدد الأجندات تعني تضارب المصالح.. هناك أسئلة تطرح على الأشقاء الذين أصدروا البيان.. أن الحديث عن الفترة الانتقالية و معاش الناس لا يوقف الحرب، فهل المطلوب ترديد لشعار ” لا للحرب” أم هناك مشروع سياسي الهدف منه إقناع الطرفين المتقاتلين ثم الشعب السودان المتأثر بالحرب؟ و من هي الجهة التي يقع عليها عبء تقديم هذا المشروع؟ باعتبار أن تيار محمد الحسن الميرغني تيار متوافق مع الحرية المركزي و تعد أحد أعمدة تحالف ” تقدم” و هذا تيار موقع على ميثاق سياسي مع ميليشيا الدعم بعنوان ” الإعلان السياسي لأديس أبابا” له رؤية خاصة تتوافق مع الميليشيا لتصور وقف الحرب.. القضية الثانية أن هذا التيار السياسي ” تقدم” لا يريد “إغراق سياسي” حسب ما جاء على لسان أحد قياداته بابكر فيصل الذي كان يعلق على ” القوى التي وقعت على ميثاق القاهرة” و هنا السؤال للأخ عادل رئيس حزب الأشقاء كيف يتم فك طلاسم هذا الموقف إذا كانت مجموعة ” قحت المركزي” تعد جزءا من تحالف ” تقدم” و هي لا تريد أي “إغراق سياسي” هذه المقولة تؤكد أن مجموعة ” الإتفاق الإطاري” ما تزال تعتقد إن وقف الحرب يعني العودة مرة أخرى إلي “الاتفاق الإطاري”.. و هل الحسن الميرغني أنسحب من تحالف ” تقدم” ؟ فهل حزب الأشقاء بهذا الاتفاق سوف يجره إلي موقف أخر.. أم أن الحسن يريد جر الآخرين لعملية لا تقبل أعضاء جدد بترديد مقولة ” لا للإغراق السياسي”..
إذا كان حصر البيان في وحدة الفصائل الاتحادية، و فتح ملف الوحدة يعتبر خطوة أولى لفتح حوارا فكريا بين تيارات الحركة الاتحادية و هي مسألة مطلوبة، خاصة أن البيان تعرض لمصطلحات مهمة، و أخرى جديدة في العمل السياسي، الأولى أن الاتحاديين مؤمنين جميعا بعملية التحول الديمقراطي و كل موجبات الديمقراطية من قوانين و فصل السلطات و حرية التعبير و التنقل وغيرها من القضايا المتعلقة بالحريات. و القضية الأخرى التي تحتاج إلي حوار مقولة عدم “المركزية في الحزب” و هي إعطاء مساحات واسعة من الحرية للأقاليم في اختيار قياداتها و أيضا مشاريعها السياسية و الاقتصادية و غيرها. و المصطلح بالفعل يحتاج إلي حوار فكري بين التيارات المختلفة. إضافة أن المركزية تضع قيودا على حرية الرآي، و تمنع فتح حوارات فكرية بين الأعضاء في المؤسسة، و مصادرت حق الأكثرية في إجازة تصوراتهم و تمريرها كقرارات حزبية متفق عليها.. خاصة أن المركزية اقعدت أحزاب أخرى و منعت التداول الفكري داخلها.
قضية الاقتصاد أيضا تشكل محورا مهما في تبادل الآراء، معلوم أن كل الاتحاديين يؤمنون بالاقتصاد الحر، و لكن الخلاف يقع على مسألة تدخل الدولة في العملية الاقتصادية ” الديمقراطية الاجتماعية” كما هو مطبق في الدول الاسكندنافية التي لا تتحرج الدولة للتدخل من أجل مصلحة الطبقات الدنيا.. أن الاقتصاد الحر يفتح الباب لإنتعاش الطبقة الوسطى ” البرجوازية الصغيرة” أن تلعب دورها السياسي و الاستناري في المجتمع، و هذه الطبقة هي التي يتكيء عليها الاتحاديون.. لماذا يحصر النقاش في الوحدة؟ بسبب تباين المواقف حول الحرب الدائرة في البلاد، أن أغلبية الكتلة الاتحادية تؤيد الجيش الآن، و تعتقد أن الجيش يعتبر العمود الفقري لوحدة البلاد، و هناك أقلية تقف في جانب أخر مساند للميليشيا منهم الحسن الميرغني، فربط الوحدة بالحرب لابد من طرح السؤال مع الجيش أم مع القوى الموقعة إعلان سياسي مع الميليشيا، كان الأفضل أن تكون مسألة الحرب في سياق أخر، لأنها قضية خلافية مصيرية مرتبطة بالوطن، و أيضا مانعة للتدخلات الخارجية في الشأن السوداني.
أن أي خطوة وحدوية بين التيارات الاتحادية سوف تجد التأييد الكامل، كما إنها سوف تفتح حوارا مهما بين كل التيارات الأخرى، و الخطوة بين “الآصل الحسن الميرغني” و بين ” حزب الأشقاء” خطوة مهمة و ضرورية في هذا الوقت الحرج الذي تمر به البلاد. و شكرا للأستاذ عادل إبراهيم حمد الذي وزع البيان مقرونا بطلب لفتح حوار فكري حوله، و هي خطوة مقدرة في الاتجاه الصحيح… نسأل الله حسن البصيرة.