الميزان التجاري السوداني والاختلال
بقلم دكتور هيثم محمد فتحي
تشير الارقام لعجز متوقع للميزان التجارى في هذا العام خاصة وأن الحكومة تعكف علي اعداد موازنة العام المقبل.
فالميزان التجاري يستخدم من أجل قياس القُوة النسبية لاقتصاد الدُول؛ ففي حال قامت الدولة على تصدير قيمة أكبر مما تستورد فإن هذا يُؤدي لحُدوث الفائض التجاري لديها أو ما يُعرف باسم الميزان التجاري الإيجابي، بينما إذا كانت قيمة ما تستورد الدولة أكبر من قيمة ما يتم تصديره فإن هذا يُعرف باسم الميزان التجاري السالب، ومن الأمثلة على ذلك ما حصل في عام 2019 حيث كان لألمانيا أكبر فائض تجاري من خلال حساب الميزان التجاري ويليها اليابان والصين، بينما واجهت الولايات المُتحدة عجزًا تجاريًا.
ففي السودان كان عجز الميزان التجاري في العام 2017 كان 5 مليار دولار
والعام 2018 كان 4.37 مليار دولار
والعام 2019 كان 4.87 مليار دولار
والعام 2020 كان 4.2 مليار دولار والعام 2021 متوقع ان يكون 4.4 مليار دولار. يلاحظ أن متوسط عجز الميزان التجاري خلال الخمسة سنوات الماضية 4.568 مليار دولار وذلك يعنى أن فاتورة الاستيراد أكبر من فاتورة الصادرات لأن الدولة ليست لها سياسة لترشيد الاستيراد وتحجيمه وليست لها رؤية لدعم الإنتاج والإنتاجية فى السلع والخدمات ولم تتمكن من السيطرة على عائدات الصادر على قلتها وفشلت فى منع تهريب الذهب والمعادن النفيسة.
ولذا أستمر العجز فى الميزان التجاري خلال هذه الخمسة سنوات.
لقد بات الاختلال أمرًا واقعيًا وطبيعيًا في الاقتصاد السوداني ولم يعد عارضًا مخالفًا للعادة، بل أصبحت العادة أن يکون هناک خلل، مشاکل اقتصاد السودان کلها تظهر عبر الميزان التجاري فهو أصدق مؤشر على حالة الاقتصاد، فکلما انخفض الاختلال في الميزان زادت الثقة في الاقتصاد وانتعشت الصناعة وقلة البطالة، وجاءت الاستثمارات، وارتفع الدخل، وثقلت العملة، وانخفض التضخم، وارتاح المواطن، وکلما ارتفع الاختلال حدث العکس تماما .
ونعيش الآن في السودان العکس تمامًا الصناعة تنحدر، والبطالة ترتفع، والاستثمارات تهرب، والتضخم يشتعل، والعملة عند أدني مستوى في تاريخها، والأسعار أعلى ما يکون، والمعاناة تطول الجميع.. لکن لماذا؟! ببساطة لأن الميزان مختل، فالميزان التجارى فى السودان يعاني من عجز يتفاقم يوما بعد يوم ، حيث تواصل الصادرات هبوطها الحاد، بينما تحلق الواردات بعيدًا، والمواطن يدفع الفاتورة.
اقوى الاسباب التى تؤدى لاختلال الميزان التجارى هما سعر الصرف والتضخم .
فسعر الصرف الواقعى والذى يعكس القيمة الحقيقة للصادرات يجب ان يكون اقل بقليل من المستوى المطلوب لازالة الفرق بين مستوى التضخم الداخلى و العالمى .
لذلك لابد من اتباع سياسات مرنة وواقعية بغرض الاصلاح الاقتصادى الشامل من ثم الانتقال الى مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة .تشجيع الانتاج المحلى بالتركيز على سلع الصادر وزيادة حجمها وقياس جودتها والاستفادة من القيمة المضافة لها بتصديرها مصنعة بدلا عن تصديرها خام ، وتلبية الطلب المحلى من السلع دون اللجؤ لللاستيراد .