مقالاتالرأي

جريدة الاهرام المصرية : فرصة ثمينة لإنقاذ ‏السودان

المسار نيوز جريدة الاهرام المصرية : فرصة ثمينة لإنقاذ ‏السودان

فرصة ثمينة لإنقاذ ‏السودان

جريدة الاهرام

أسماء الحسينى

لأول مرة تجتمع فى القاهرة رموز غالبية القوى السياسية والمجتمعية والفكرية والحركات المسلحة، تحت شعار «معا لوقف الحرب فى السودان». واعتبر مراقبون سودانيون، أن المؤتمر فرصة ثمينة يجب أن تستثمرها القوى السودانية بالكامل، من أجل تحقيق آمال وتطلعات الشعب السودانى فى وقف الحرب وتحقيق السلام.

وقد ذهب بعض المراقبين إلى أن المؤتمر قد حقق قدرا كبيرا من النجاح، حتى قبيل انطلاقه أمس، نظرا لما حظى به من مشاركة واسعة من قوى متباينة، بينها خلافات وانقسامات عديدة خلال الفترة الانتقالية، ثم عمقت الحرب كل ذلك، وتحولت العلاقات بينها بعد الحرب إلى اتهامات متبادلة، ومن المأمول أن يكسر مؤتمر القاهرة حاجز عدم الثقة بين هذه الأطراف، ويؤسس لتفاهمات وتوافق بينها.

وجاءت مسارعة القوى السودانية المختلفة المتباينة المتصارعة لتلبية دعوة مصر لمؤتمرها لحل الأزمة السودانية لأسباب عديدة، يأتى منها:

ـ أولا: الثقة فى دور مصر وموقفها الحيادى الحريص على مصالح السودان، حيث أعربت القوى المشاركة فى المؤتمر عن رغبتها فى اضطلاع مصر بدور أكبر، لتهيئة المناخ الملائم على حل الأزمة، فى ظل تفاقم الحرب وتمددها فى أنحاء السودان، بما ينبيء بأن القادم سيكون أسوأ إن لم يتم تدارك الوضع الحالى الذى بات شديد التعقيد.

وقال صديق الصادق المهدى الأمين العام لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» لـ«الأهرام»، إن مؤتمر القاهرة هو انعكاس للاهتمام المصرى بالأزمة السودانية، وأنهم منفتحون للتداول بشفافية من أجل وقف الحرب، وأن ما سيتمخض عنه المؤتمر سيؤسس لواقع جديد، يتطلب توحيد الموقف المدني، والضغط لوقف الاقتتال وتحقيق السلام».

ـ ثانيا: شمولية المبادرة المصرية، حيث لم تقتصر على البحث عن وقف إطلاق النار، بل توسعت لتشمل باقى القوى السودانية، وكذلك موضوعات مثل الأزمة الإنسانية التى تعصف بملايين السودانيين، والبحث عن مسار سلمى لحل الأزمة فى السودان. والجدير بالذكر، هو الآلية التى وضعتها مصر لسير أعمال المؤتمر عبر ثلاث جلسات أو ورش متوازية، بهدف الوصول إلى تصور القوى المدنية حول القضايا الرئيسية الثلاث المطروحة.

ـ ثالثا: يأتى المؤتمر بعد مرور 15 شهرا على الحرب الدموية المدمرة، التى أدت إلى أوضاع كارثية على جميع الأصعدة فى السودان. وقد أصبح واضحا لمعظم القوى السودانية أنه لا مناص بعد كل هذا القتل والتدمير والتخريب وتعريض حياة السودانيين ووحدة السودان وسيادته ومستقبله لأخطار شتى من الجلوس سويا، والبحث عن حلول سلمية توافقية. وباتت الغالبية تدرك أنه لا أحد يملك الغلبة ولا يعبر عن المجموع.

ـ رابعا: الوضع الإنسانى المأساوى لغالبية الشعب السودانى داخل السودان أو اللاجئين خارجه، والذى بات يفرض على الجميع الجلوس سويا للبحث عن حلول لإغاثة الملايين، الذين يواجهون الموت بالسلاح والقصف وانعدام الأمن، وكذلك بالمجاعة التى تهدد 25 مليون سوداني.

وقال خاتم السر على المستشار السياسى لرئيس الحزب الاتحادى الديمقراطى الأصل لـ«الأهرام»، إننا نتطلع لأن يكون مؤتمر القاهرة بمثابة فتح صفحة جديدة ونقلة نوعية فى تاريخ السودان نحو المصالحة الشاملة، رغم كل الجراح والصعوبات، والعمل من أجل إيجاد القواسم المشتركة بين القوى السودانية لتحقيق حل شامل ومستدام.

وأعرب السلطان سعد عبدالرحمن بحر الدين سلطان المساليت وهو أحد القيادات القبلية المشاركة فى المؤتمر لـ«الأهرام»، عن رغبته فى نجاح مؤتمر القاهرة، وقدرته على معالجة الأوضاع الإنسانية الكارثية للنازحين داخل السودان، وأيضا اللاجئين الذين يواجهون أوضاعا مأساوية للغاية فى بعض دول جوار السودان.

ويرى الكاتب والمفكر السودانى الدكتور الشفيع خضر الذى يشارك فى المؤتمر كشخصية وطنية، أن «المؤتمر هو فرصة ثمينة وضربة البداية وخطوة هامة فى الحوار السودانى ــ السودانى».

ويبقى أن المهم فى الأمر أن تستغل القوى السودانية هذه الفرصة السانحة من أجل إحداث اختراق فى الجمود الحالي، والدخول مباشرة إلى لب القضايا الملحة، والأهم هو الالتزام بما يتم التوصل إليه والتوافق حوله، والمضى قدما فى البناء عليه.

مسئولون سودانيون: بارقة أمل لحل الأزمة

وسط إشادة وأمل سودانى متجدد فى وضع حد للمأساة الإنسانية والنزاع المسلح فى السودان الشقيق، أشاد عدد من كبار المسئولين السودانيين باستضافة مصر لمؤتمر «معاً لوقف الحرب فى السودان». فقد حيا نور الدين ساتى سفير السودان السابق لدى الولايات المتحدة الأمريكية، مصر حكومة وشعباً على استضافة المؤتمر، الذى يهدف لتوحيد كلمة القوى السياسية السودانية، والدفع نحو حل سياسى ينهى الأزمة.

وأضاف ساتى على هامش المؤتمر، أن هذا اللقاء الذى جمع مختلف القوى السياسية المدنية السودانية، والشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، جاء فى الوقت المناسب بهدف البحث عن حلول لوقف الحرب وإنقاذ البلاد.

وأوضح أن الحرب فى السودان استمرت أكثر مما ينبغي، وأزهقت أرواح الآلاف من أبناء شعب السودان، وينبغى العمل فوراً و بشكل جماعي، من أجل توحيد الصف وإخراج البلاد من أزمتها.

من ناحيته، أكد الدكتور عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء السودانى السابق، ورئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودانية «تقدم»، أن السودان وشعبه يعولون على مصر كثيرا فى المساعدة لحل الأزمة السودانية، حيث تمتلك القاهرة كل الإمكانات والقدرات وتحرص وتهتم دائما بمعالجة قضايا بلادنا.

وأعرب حمدوك عن سعادته فى أن تلتقى مختلف القوى السودانية على أرض مصر، فى أول اجتماع من هذا النوع، ليظل علامة فارقة وبداية يمكن البناء عليها، للدفع نحو وضع حلول جذرية للأزمة الراهنة. وشدد حمدوك على أن «مؤتمر القاهرة» ينعقد فى توقيت مفصلى بالنسبة للدولة السودانية.

وأوضح أن المؤتمر يعالج ثلاث قضايا رئيسية: الأولى تتعلق بوقف الحرب، التى لابد أن تتوقف اليوم قبل غد، والثانية تخص الأزمة الإنسانية التى تعد الأكبر فى العالم اليوم، والثالثة والأخيرة والمهمة للغاية، هى بحث العملية السياسية وأجندتها والمبادئ العملية الأساسية.

أما الفريق أول عماد الدين مصطفى عدوى سفير السودان لدى القاهرة، فقد أكد أن السودان تثمن جهود مصر من أجل وقف الحرب ودعم الحل السياسي، والمساعدة على بناء السلام الشامل والدائم فى السودان، عبر حوار سودانى سوداني. وأضاف عدوى أن مصر تضطلع بمسئولياتها الإنسانية والتاريخية تجاه السودان، وتعمل على الدفع نحو حل سياسى يوقف الحرب ونزيف الدم بالبلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى