قلنا راح مع الأيام
من اعلي المنصة
ياسر الفادني
قلنا راح مع الأيام
قلنا راح مع الأيام… عدي من ايدينا راح ……مطلع اغنية (العصفور) التي شدا بها كروان الأغنية السودانية وملك الصوت العذب الشجي الفنان النور الجيلاني عافاه الله من كل بلاء ووضع كلماتها في قالب زمزي حزين وحنين الأستاذ الصديق الشاعر جمال عبد الرحيم ، هذه الأغنية تعتبر من اساطين الغناء السوداني ومن الخالدات لحنا وتطريبا ، ثنائية عجيبة جمعت بمن يسكن في مدني الخضراء ومن ولد في قرية ابو حليمة التي تقبع علي النيل فجمال مسكن كليهما اتسق مع لطيف المفردة وفخامة الصوت والعبارات الجزلة التي صيغت علي اسلوب السهل الممتنع ، يا لها من لوحة فريدة وعبير آخاذ ودنيا جميلة ومساحة لايضاهيها الق وتفرد…
النور الجيلاني يعتبر من مدرسة مزج الغناء الشعبي بالغناء الحديث وصنع توليفة جديدة في هذا المنحي ، إستعمل ميلودية تجعل الغناء أقرب الي موسيقي الجاز ويعتمد أساسا علي آلة(المندلين) و (الأروغ) ، مدرسته تعتمد علي التداخل الصوتي السلس واللذيذ بين الكورس وبينه ويميل إلي طريقة اختفاء صوت الكورس ويظهر صوته منفردا في لحظة تجلي موسيقي غريب يستدر عاطفة المستمع واحاسيسه ، له طريقة متفردة في إصدار بعض المقبلات الصوتية مثل الهمهمة بالاهات والنواح الحزين ملكات حصريا إمتلكها النور الجيلاني قل أن تجدها عند الآخرين ، النور الجيلاني اتسمت تجربته الفنية بالبساطة والقوة والتماسك وهو غالبا ما يقوم بتلحين معظم أغانيه بنفسه….
الشاعر جمال عبدالرحيم هو صاحب كلمات رصينة ويميل عادة في كتابته بالرمز والمفردات العميقة التي أن دخلت سبر اغوارها تجد الكلام في حلاوته وتجد المعني في طلاوته وتجد الجمال في صناعته وتجد الألق في جرسه الموسيقي، كتب جمال عبد الرحيم عدة أغاني للفنان النور الجيلاني منها ،العصفور، اديني امانك، صحو الذكري المنسية وتغنت له عقد الجلاد ،عطبرة، وبطن الحوت، رماد الذكري التي تغني بها الفنان الرشيد كسلا والتي ختمها بعبارات فيها التكرار اللطيف المقبول مع التنغيم التطريبي المؤثر حينما قال :
لا يلاقينا….لانتلاقي ….لا نتلم !، كتب جمال عبد الرحيم لمدني …انتي من وين يا بنية ناوية علي وين السفر ….. وابدع حينما قال:
ما كتير الناس بترحل ….لي ظروف في الدنيا أجمل
ناس بتمشي سنين طويلة…… وناس بدون بما تمشي ترحل ! …
اغنية العصفور انموذج حقيقي يجمع الكلمة البراقة الحنينة والصوت الرائع واللحن المتسق عقدا فريدا من طرب ، اصلو ياالعصفور دا حالك…. من ما سويت لك جناح …يعني كان صارحت مالك؟ نحن مابينا الصراح…… ، هنا ظهر الرمز وحالة التوهان في الإستغراب والسؤال البريء مع الشكوي ، كيف نلوم عصفور حنين مرة بيقاسي الرياح …..ومرة في أرض المحنة ومرة في أبعد بطاح….. ، تجسد المفردات إيجاد العذر للمحب ووصف تفاصليه الصادقة ، بالسلامة تاني واصل …..كان نسيت موسمنا ديا….في المواسم الجاية حاول .. مفردات تحكي المستقبل الواعد والوفاء الذي لا ينهيه الغياب …
الفنان النور الجيلاني والشاعر جمال عبدالرحيم (دويتو) فني لا يتكرر وذخيرة مفعمة بالابداع والجمال حفظهما الله وأطال عمرهما ونتمني الشفاء العاجل للكروان النور الجيلاني أنه سميع مجيب…