لا تضيقوا واسعا
من أعلي المنصة
ياسر الفادني
لعل الكثير من السياسين والذين يقودون الدولة لايفرقون بين ماذا تعني الفترة الإنتقالية؟ وماذا تعني فترة الحكم الذي يأتي بعدها ؟ الحكم الديمقراطي الذي يأتي بعد إنتخابات شفافة يقول فيها الشعب كلمته داخل صناديق الإقتراع ، أي فترة إنتقالية لها مدة زمنية محددة لا تتجاوز العامين وهي فترة يجب أن يتم فيها وضع أرضية لحكم محافظ علي المرتكزات الأساسية التي تبني عليها الدولة العادلة الرشيدة وعمل أرضية طيبة للأنشطة الحزبية وبسط الحريات السياسية للكيانات المختلفة من أجل التجهيز للإنتخابات
كل هذا في التجربة السودانية الحالية لم يحدث ، الآن الحكومة الإنتقالية لها أربع سنوات وربما يكون مثلها أو يزيد إذا سار الوضع كما نراه الآن ، لماذا ؟ أي فترة إنتقالية يتم فيها التشفي من الذي سبق تمثل خلق دكتاتورية جديدة وتصنع غبنا يمكن أن يكون حجر عثرة في نجاح الحكم الإنتقالي وحكومة حمدوك كانت خير مثال لذلك ، أي فترة إنتقالية الغرض منها مكسب سلطوي أو مادي أو إثني أو حزبي تتشبث بالصفة التي دفعتها ولا تنظر لمصلحة العامة ولا تريد الديمقراطية الحقة بل تريد البقاء في الكراسي مهما طال أمد الإنتقال كما يحدث الآن لأحزاب قحت التي تركض خلف الحكم فقط ولا تريد إنتخابات لأن ليس لهم أرضية جماهيرية عريضة
أعتقد القوات المسلحة لعبت دورا كبيرا في الحفاظ علي البلاد وصمدت وكظمت الغيظ عندما شيطنت ولو لا تماسكها و إنحيازها لتراب هذا الوطن وعزته والوقوف بصلابة ضد الذين يريدون أن ينالوا منها تفكيكا، لولا هذا لصارت البلاد عبارة عن مليشيات تقاتل بعضها بعضا كما حدث في ليبيا وسوريا والعراق واليمن ، القوات المسلحة لو تركت السابقون علي عواهنهم يسيروا لتقسمت هذه البلاد وتشظت ، أعتقد ان القوات المسلحة وجودها في حكم الفترة الانتقالية مهم جدا من حيث الإمساك بالممسكات التي تحافظ علي الارض والعرض والتدخل حين يحدث الفشل والفوضي من قبل المدنيين حفاظا علي هذه البلاد
لا تضيقوا واسعا ولا تهمشوا كيانا مهما كان رأيه ولا تتخذوا عبارة (إلا ) في المشاركة السياسية ، إن كان جريمة أصحاب( إلا ) هي الفساد سابقا فالذين ذهبوا قبل سنة هم أفسد من جماعة إلا !! ولعل الشاهد ماجناه أصحاب السجن الذين هم قابعين فيه الآن وإن كان جريرتهم الفشل الإداري فالذين ازيحوا في أكتوبر العام الماضي فشلوا في كل المجالات سياسيا واقتصاديا وأدخل عرابهم الذي إستقال (خوازيق) في هذه البلاد من الصعب جدا الفكاك منها
الذين لا زالوا يحملون السلاح ويحتلون مناطق داخل هذه البلاد ويسمونها المناطق المحررة يجب أن يدخلوا في التوافق الوطني ويضعوا السلاح ويدخلوا في المشاركة في تنمية هذه المناطق التي الآن لا تعليم فيها ولا خدمات ولا صحة منذ عقود سبقت .
هذا الوطن إن لم يجلس الفرقاء فيه وتكون النظرة إلي مصلحة الوطن وليس اللهث خلف السلطة لا تستقر ، وإن لم تطبق الحريات السياسية وعدم التضييق لأصحاب الرأي الاخر وعدم التهميش لا يستقيم المشهد السياسي ،و إن لم ندع خطاب الكراهية ضد القوات النظامية وشيطنتها وضد الحزبية وضد القبلية سوف لانخرج من مربع التدهور ، فدعونا نتفق ان الحكم للكل وليس للجزء وإن البلاد كلنا شركاء فيها ، دعونا جميعا ندق طبل العز ونقول للسرة : قومي خلاص .