الرأيمقالات

مؤتمر القاهرة و رأى لابد أن يقال

المسار نيوز مؤتمر القاهرة و رأى لابد أن يقال

زين العابدين صالح عبد الرحن

السابع من يوليو 2024م سوف تبدأ جلسات الحوار للقوى السياسية السودانية في القاهرة. و أجندة الحوار مقدمة من أصحاب الدعوة تتعلق بنقتطين الأولى كيفية وقف الحرب الدائرة في السودان، و الثانية توصيل الإغاثة للمواطنين داخل السودان.. السؤال هل القوى السياسية تملك رؤى لعملية وقف الحرب و توزيع الإغاثة؟
لابد من الترحيب بالمجهود الذي تقوم به الدولة المصرية متمثلة في السلطة السياسية في البلاد، و الهادفة من أجل البحث لحلول للقضية السودانية إذا كان فيما يتعلق بعملية وقف الحرب الدائرة في السودان، أو توزيع الإغاثة، و أيضا مجهوداتها السابقة في الوساطة بين الفرقاء السياسيين للوصول لمنطقة أوسطى. أن القوى السياسية السودانية متشظية فيما يتعلق بقضية وقف الحرب لأنها تحمل أراء مختلفة بسبب التدخلات الخارجية التي تريد أن تفرض أجندتها، و أيضا تختار عناصر للسلطة فيما تعتقد أنهم يستطيعون تنفيذ هذه الأجندة..
و هذا يرجعني لتصريح وزير الخارجية المصري السابق سامح شكري، و الذي قدمت الدعوة في عهده إلي القوى السياسية السودانية للحوار في مصر، و كان أخر تصريح لشكري يتعلق بالدعوة قال ( لا مكانة لحل سياسي للأزمة السودانية في ظل الضغوط و الإملاءات الخارجية، و أن أي حل سياسي حقيقي يوقف الحرب لابد أن يستند إلي رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم دون إملاءات، و ضغوط من الأطراف الخارجية) السؤال هل وزير الخارجية المصري الجديد يتفق مع الوزير السابق أم هناك رؤية جديدة؟..
أن وجود رؤية مخالفة للتي صرح بها وزير الخارجية السابق تعني تغيير في الأجندة، و معرفة الأجندة تبين الهدف من الدعوة.. حددت الدعوة للأحزاب دون الكتل السياسية، و هذا مقبول أن تتحاور الأحزاب السياسية في الشأن السوداني، و الأجندة المطروحة للوصول إلي تفاهمات تدفع نحو الحل.. لكن يصبح السؤال عبد الله حمدوك يمثل أي حزب سياسي في السودان؟ المعروف و بصريح العبارة دون أي مواربة، أن حمدوك يمثل الأجندة الأماراتية الساعية وراء تسوية سياسية بين ” الجيش و الميليشيا” بهدف إعادة الحوار لأجندة “الاتفاق الإطاري” و هي الأجندة التي كانت قد جاءت بها مساعدة وزير الخارجية الأمريكي ” مولي في” و هي التي كانت راعية لهذه الأجندة معها الاتحاد الأوروبي، و تم توظيف الاتحاد الإفريقي و الإيغاد للوقوف مع هذه الأجندة، مع فرض عناصر بعينها لتكون في السلطة..
القضية الأخرى و يجب الحديث فيها بصراحة؛ أن الواقعية السياسية تفرض على أي وسيط أن يقرأ الساحة السياسية قراءة صحيحة دون انحياز، و يعرف مكونات القوة و الضعف فيها، خاصة إذا كانت القضية متعلقة بحل أزمة سياسية، و الشعار المرفوع في السودان ” التحول الديمقراطي” أن الدعوة تجاهلت قوى سياسية لها شعبية في الشارع السياسي السوداني، و لا يمكن تجاوزها و هي ” الحزب الشيوعي و الإسلاميين” و أي حل سياسي لا اعتقد سوف يستمر دون تحديات قوية من الشارع إذا تجاهل هذه القوى السياسية.. و هنا أردد قول الدكتورة أماني الطويل في مقالها الأخير بعنوان ” السودان: رسائل إلي المجتمعين في القاهرة” حيث قالت الطويل (أهمس في أذن القاهرة أن متطلبات الاستقرار في السودان و استقراره مغايرة تماما للمصرية). أن صراع السودانيين منذ الاستقلال كان البحث عن الديمقراطية، و ذلك يعود لتركيبة المجتمع السوداني المتعددة في إثنياته و ثقافته.. أن تجاهل القوى الأيديولوجية في السودان الزملاء الشيوعيين و الإسلاميين في أي حوار سياسي لن يكتب له النجاح مستقبلا.. صحيح أن الحوار يضم حزب الأمة الذي له قاعدة أجتماعية عريضة، و أيضا الاتحاديين و لهم قاعدة اجتماعية عريضة، و لكن أغلبها قوى ساكنة تتحرك في الفترة الانتخابية فقط. و قليل من فاعلية الحركة في الشارع. أما الشيوعيين و الإسلاميين لهم قواعد عندها قدرة كبيرة على الحركة و الحشد و التعبيئة، و هؤلاء سوف يخلقوا تحديات كبيرة لأي قوى في السلطة تحاول ان تتجاوزهم..
مصر أكثر دولة يجب أن تكون على علم بالمجتمع السوداني، و ثقافته و طباعه و قواه السياسية، و لكن يصعب عليها التعامل إذا لم تعرف الفروق في المجتمعين السوداني و المصري عندما تكون القضية متعلقة بالشأن السياسي.. مصر وقفت مع الأحزاب الاتحادية التي توحدت في مصر عام 1953م و خرجت تحت اسم ” الوطني الاتحادي” ورفعوا شعار وحدة وادي النيل، و فاز الحزب بالأغلبية، و عندما طاف الزعيم الأزهري اقاليم السودان و استمع للجماهير و القيادات الأهلية و الصوفية كانت الأغلبية تنادي بالاستقلال لذلك انحاز لهم، و غضبت القيادة المصرية زمن عبد الناصر، و قررت أن تتعامل مع جانب دون الأخر، و هذا حقها تتعامل مع من تريد.. لكن في القضية السودانية الكلية لابد من معرفة موازين القوى السياسية، إذا كانت مصر أن تلعب دورا ناجحا فيما تسعى إليه..
إن الحرب في السودان فرضت متغيرات كثيرة، و أيضا خلقت وعيا جديدا وسط الشباب، و ليس كل الشباب الذين دخلوا المقاومة الشعبية متحزبين، و لكن العديد منهم دخولها كردة فعل للانتهاكات التى تعرضت لها القرى و المدن من قبل الميليشيا التي مارست السرقة و النهب و الاغتصاب و ترويع الأمنين، دفعتهم الميليشيا لحمل السلاح حماية لأنفسهم تحت سلطة الجيش.. هؤلاء أيضا سوف تكون لهم رؤية في مستقبل السودان.. و لا ننسى كلمة السيد سامح شكرى أن هناك من يريد أن يفرض على السودان قوى بعينها حتى دون انتخابات، الغريب قوى سياسية ترفع راية الديمقراطية و يتخوفون من الانتخابات.. أن حوار القاهرة لعله يخرج بأجندة تمثل أرضية لحوار أخر لا يستثنى أي قوى سياسية.. و نسأل الله حسن التوفيق و حسن البصيرة..
[

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى