مقالات
ملعون من يسوق الفتن
- لم يكن شئيا عاديا ولم تأتي الأحداث عفوية وهنالك معايشة ومجاورة سمحة منذ عهد ليست بالقريب وكان الناس في تداخل وتواصل فرحا وكرها لم ترتفع نبرة حادة ولم يسلق بعضهم البعض بألسنة حداد ولم يضق بهم السوق الكل يقبل علي بعضه تحية وسلاما وتراهم هكذا في تعاملهم الجميل ولا تعرف لهم قبيلة غير الإنسانية هكذا كانت حاضرة عمار دنقس وأرض الفونج ولكن تسللت لهم الفتنة وساقها من ساقها والنار من مستصغر الشرر فكان ما كان وليعلم الجميع أن للنيران شرر وشرار يتطاير وان لم تكن الحكمة حاضرة وصوت العقل يسمع من به صمم ستحل بنا قارعة لا تبقي ولا تذر ، فأهل السودان أصحاب مناقب وسيرة طيبة ومسيرة ملئة بكل صنوف المكارم وأخلاق سامقة وأخوه صادقة عرفهم بها القاصي والداني ليتك رأيتهم في دول المهجر كيف يلاقون بعضهم في عناق وحميمية ، ليتك رأيتم في مدينة المصطفي وفي يوم العيد عند باب السلام وهم يتعانقون بالسلام لرأيت ملائكة يمشون علي الأرض مطمئنين تعلوهم البسمة وجلهم لم يعرفون بعضهم البعض ولكن تخالهم إخوة وبهذا قد عرفوا فماذا أصابهم ، فبعضهم ركنوا للذين ظلموا فتفرقوا أيدي سبأ فكانت قلوبهم شتي فوقعوا فريسة في يد الفتنة ومشت بينهم النميمة وأشعلت نيرانها ودخل عليهم الغريب وشري من شري وكري من كري وجاس العملاء خلال الديار يحملون براميل الشر الموضوع علي الأثافي المحمرة يغلون عليها الماء الآسن ثم يسكبونه علي الأرض الطاهرة فيشب الحريق فتري الأرض مكفهرة شاحبة تعلوها الشحناء وتغطيها البغضاء فتلمع السيوف ثم تقطر الدماء ، فما الجديد بين سكان النيل الأزرق وهم هكذا يعيشون في سماحة عقودا وقرون ولكن دخل بينهم من لا يعرف الوطن ولا قيمة التراب وسقي عروق الفتنة حتي طالت واستطالت فضاقت بهم الأرض بما رحبت فكان ما حدث بالأمس واليوم ولايسلم الغد ومن زرع الفتنة قد يكون معروف ويشاهدها كما يشاهد مباراة كرة قدم فرح مسرور ثم يزيدهم حطبا ويقف خلف جدر مزودا لهم بمدافع الهلاك ولسان حاله يقول أنا مال ومال الذين لا يفهمون فليقتلوا بعضهم وأنا بعظم شليل ظافر هكذا قول مشعل الفتنة ، فما حصل في النيل الأزرق معلوم وأسبابه معلومة ولها جذور فلنقطع هذه الجذور ونجز رؤوس الفتنة تسلم أرض الهمج ويعود النيل الأزرق لمجراه القديم ويجري كما كان يحيي الغابات والجبال يسقي ظمآنا ويروي أرض وترحب به سنار وخزان مكوار يفتح أبوابه فتبتسم الجزيرة ويتحقق الأمل ونناشد أهلنا في الرصيرص والدمازين والكرمك وقيسان وما بينهم أن ينبذوا الخلاف ويقطعوا شجرة الفتنة الملعونة ويعيشوا كما كان سلفهم متعايشا حتي ضمت ضلوعهم الأرض فأحتراما لأرض ضمت الأباء فلنكن إخوة فإن الوطن يسعنا جميعا .
وعلي الدولة أن تقوم بما عليها من حماية المواطن وفرض هيبة الدولة وانفاذ حكم القانون وتعقب الجناة وردعهم بما يستحقون فإن لم نفعل فإن الحريق سيمتد ولم يترك أخضرا ولا يابس وذلك يوم الهروب الكبير وبعدها لا نصح يجدي ولا مناشدة تفيد .محمد عثمان المبارك