من أعلي المنصة
ياسر الفادني
مشيت بالسفنجة وجيت راجع بالسفنجة !
لعل العنوان (يلخبط) ويحير الذي يقرأه كوضعية الحيرة واللخطبة التي تكتنف المشهد السياسي المعقد الماثل أمامنا الآن ، المشهد الذي كله (لخبط لخابيط) ، يحكي أن رجلا من قري الجزيرة النائية ذهب إلي القضارف ليتكسب علي متن عربته السفنجة التي يقودها ، والسفنجة للذي لا يعرفها هي عربة من فصيلة اللواري دائما تطلي مقدمتها باللون الأزرق وهي من ماركة البدفورد ولا توجد إلا في السودان هي و اللوري (الهوستن) الذي قفلت شركته ولا زال يعمل في هذه البلاد ولازالت إيمان الشريف تتغني في اللوري و الراكب اللوري! ، وصل صاحبنا القضارف ومكث فيها عدة أشهر ولعل حاله قد تبدل واموره رجعت للوراء كما رجع الوطن ، قرر بيع السفنجة والاستفادة من مالها في التجارة ، لم ينجح في التجارة وخسر وساءت حالته تماما ، قرر صاحبنا في نهاية الأمر الرجوع إلي قريته وباع مركوبه واشتري سفنجة ينتعلها ليستفيد من باقي المبلغ ليرجع به إلي أهله ،عندما وصل قريته سألوه الناس ما الذي حل بك ؟ قال: مشيت بسفنجة وجيت راجع بي سفنجة وهو يضحك !
بالواضح الجماعة ديل ساقونا بي السفنجة وجابونا حفايا منقرضين كما قال فضيل!، حالنا أصبح لايطاق منذ أن ذهب البشير ، البلاد لم تشهد إستقرار سياسي علي الإطلاق ، في خلال ثلاث سنوات تغيرت الحكومة ثلاث مرات والآن بدون حكومة والحمد لله ،
المشهد السياسي ينقسم إلي عدة (كيمان) ، كوم يستحوذ عليه العساكر وهم شركاء في الحكم وهو الغالب وهو الكبير ، وكوم حمدوك مع من يدعمونه خارجيا ، كوم خاص بالحزب العجوز الذي يشرك ويحاحي ويخرج هؤلاء المخمومين ، وكوم تم طرده من السلطة ولا زال يحن إلي ماضيه القديم ويرغب في العودة بكل ما أوتي من قوة لكنه فقد الشارع الذي كان من قبل يقوده من أذنيه ، طردت قيادته من المواكب وخربت حفلتهم في شمبات ، كوم خاص بالحركات المسلحة في الحكومة منهم (الضاربوا الهواء البارد) ومنهم المتفرج ومنهم( اللابد) ، أما كوم الكيزان أو الفلول فهم يتفرجون ويصفقون للعبة الحلوة ويتهامسون لكن ! بطونهم غريقة ، معظم هذه الكيمان تشكو من التباين وكل كوم يفتكر أنه الأفضل لقيادة الشأن السياسي….
وسط هذه الكيمان يظهر الفشل السياسي ويظهر التخبط وضرب العشواء ، لا جديد يذكر ولاعبور ولا ضوء يظهر في آخر النفق إلا ضوء عيون الذئاب والقط والحيوانات المتوحشة سياسيا ، وسط هذه الكيمان ضاع وطن عظيم وضاع شعب معطاء وضاعت احلام المواطن الذي كل مرة يظن أن في التغيير خيرا ، إنشغل كل من في هذه الكيمان بنفسه وكيف يكسب مقعدا ويقصي الآخر، كلهم انشغلوا تماما ونسوا المواطن المغلوب علي أمره لا أحد يعطيه إعتبارا الآن، دماء تسيل في بقاع مختلفة من هذا الوطن من يحكوموننا لم يؤمنونا من جوع أو من خوف ، الماضي قبل التغييرصار أفضل من حاضر التغيير ، فيا من بلادي أليس فيكم رشيد؟