ندوة عن مكونات الثقافة السودانية بمركز راشد دياب
ناقش مركز راشد دياب للفنون وبرعاية شركة سكر كنانة المحدودة موضوع”مكونات الثقافة السودانية” تحدث فيها دكتور البشير أحمد محي الدين والدكتورأمير النور ، فيما أدار الجلسة الفنان سيد عوض ، وذلك وسط حضور كبير منالمهتمين .
وبداية ألقى الدكتور البشير أحمد محي الدين الضوء على مكونات الثقافة السودانيةوركز في هذا الصدد على مكونين أساسيين هما عبقرية المكان وعبقرية الإنسان ،مشيراً إلى حدود السودان الجغرافية وتلاقح هذه الثقافة وإمتداداتها في هذا المكانالواسع شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً ، وأرجع هذه المكونات الثقافية في هذا التقسيمإلى عامل اللغة العربية ، وقال أن عبقرية المكان تجسدت فيما عرف بالشخصيةالسودانية ، لافتاً إلى أن الانسان السوداني أسس لحضارات وثقافات عريقة كانالأساس فيها الهجرات السكانية القديمة وحالة التنقل من مكان إلى آخر ، وأضاف أنهذه الهجرات ظلت ملازمة للانسان السوداني قبل سبعة ألف سنة قبل الميلاد ،ويرى أن نهر النيل يعد من أحد الروافد الملهمة للثقافة السودانية باعتبار أن النيل
هو مظهر من مظاهر الثقافة ، وأكد أن هذه الهجرات حصل بينها وبين المجموعاتالسكانية المهاجرة تفاعلات داخلية كبيرة أنتجت نوعاً آخر من أنواع الثقافةالسودانية مشيراً إلى قبائل العنج والتورة في منطقة دارفور ، واوضح أن دارفورهي منطقة تلاقح ثقافي كبير بين القبائل ، وذهب الدكتور البشير إلى أن الحضارةالسودانية أسست لتراث مادي كبير ، لافتاً إلى أن جزء من هذا التراث موجود الآنفي شمال السودان ممثلاً في الاهرامات وما حوته من نقوش ورسومات أثرية ،وجزء آخر من هذا التراث تعرض للتلف والدمار بسبب الاهمال ، وأكد أن هذهالحضارة في مظاهرها المختلفة تدل على عظمة هذا المكان وتدل أيضاً علىعظمة الانسان السوداني ، ويرى أن تاريخ حضارة السودان هو أقدم بكثير منتاريخ الحضارات الأخرى في العالم بسبعة ألف سنة قبل الميلاد .
ومن جهته قال الدكتور البشير أن المكون الثقافي السوداني يستند في قيامه إلىمكونين ، المكون الأول هو مكون العروبة ، والمكون الثاني هو مكون الأفريقيوذهب الدكتور البشير إلى أن الكثير من المثقفين والمفكرين السودانيين يعتقدون أنهنالك صراع كبير بين هذين المكونين العربي والافريقي ويكتبون في أرواقهمالصراع بين مدرسة العروبة ومدرسة الزنوجة أو الصراع بين الثقافة العربيةوالثقافة الأفريقية ، قال دكتور البشير أن هذه الثقافة في مجموعها الدم العربي والدمالزنجي أنتجت الإنسان السوداني بكل ما يحمله من موروث حضاري ، وذكر أنالشخصية السودانية حسب مظاهر هذه الثقافة التي أنتجتها طوال هذه الحقب بهاالكثير من منظومات القيم مثل الكرم والشجاعة والأخلاق النبيلة وغيرها منالعادات والتقاليد الفريدة ، وخلص الدكتور البشير في ختام حديثه إلى الدعوة إلىتعزيز الثقافة الجامعة التي تقود إلى وحدة المجتمعات والقبائل ونبذ النعراتالعنصرية ، وأكد أن الثقافة السودانية هي ثقافة راسخة إستطاعت أن تقدم نماذج فيفترات مختلفة ولكن هنالك أيادي خفية بدأت تلعب بالمكونات الثقافية وذلك بغرضخلق نعرات قبلية لتفتيت هذا الموروث الثقافي الكبير .
فيما قال الدكتور أمير النور أن السودان يمر هذه الأيام بفترة تاريخية خطيرة جداًوهي بداية لحرب أهلية ، وأضاف بأن هذه المشاكل لا تستطيع السياسة حلها بليمكن حلها بواسطة الثقافة ، ويرى أن السودان شهد قيام أعظم الحضارات في العالموهي حضارة أقدم بكثير من الحضارة الغربية بآلاف السنين ، وأشار إلى كلمة”نوب”التي تعني بالنوبية الذهب وذكر بأن المؤسسين للحضارة النوبية برعوا كثيراًفي صناعة صقل الحديد والنحت وهندسة العمارة والكتابة على أوراق البردي الأمرالذي يؤكد على عبقرية الانسان السوداني وتفاعله مع الثقافة والحضارة النوبيةالقديمة التي أسست لبناء”230 “هرماً ، وأوضح أن جزيرة صاي يوجد فيهاإنسان السودان الأول ، بينما يوجد في مدينة سنجة إنسان السودان الثاني الذي يبلغطوله”3 “متر، وأكد على أن الولاية الشمالية هي منطقة ملتقى لجميعالحضارات .
ومن جهته قال أن الموسيقار الراحل محمد وردي إستخدم مجموعة من الايقاعاتالغنائية من بينها إيقاع الفيجي وإيقاع النخشبندي وايقاع الدليب ، الأمر الذي توج أنيكون محمد وردي فنان أفريقيا الأول ، هذا إلى جانب إستفادة وردي من الأناشيدالاكتوبرية ، وأشاد دكتور أمير النور بالدراسة التي قدمها الكاتب مكي سيد أحمدعن آلة”الكيسر” وإعتبرها من أفضل الدراسات عن آلة الربابة باعتبارها آلةعزف غنائية مشتركة لعدد من القوميات خاصة في منطقة شرق السودان .
وفي ذات السياق ألقى الدكتور أمير النور الضوء عن السلالم الموسيقية فيالسودان ومقارنتها بالسلالم الموسيقية العربية ، وتعرض إلى المشاكل التي أثارهاالموسيقار حلمي بكر عن تقليله للسلم الخماسي وعدم إنتشاره على مستوى العالم ،بينما يرى الدكتور أمير النور أن السلم الخماسي هو الأوسع إنتشاراً في العالموطالب الدكتور أمير النور بأهمية وضرورة إعضاء فرصة للثقافة السودانيةوقال الدكتور امير النور أن الثقافة لها القدرة الكاملة في حل مشاكل السودان ، وإستشهد فيهذا الصدد بعدد من النماذج الغنائيةوفي مداخلات الحضور تعرض الأستاذ والباحث مهند نصر الدين في حديثه إلىأصل الحضارة السودانية ومرجعيتها التاريخية ، مشيراً إلى أنها الأقدم من حيثالحضارات في العالم ، وقال أن الانسان السوداني خرجت منه كل الأجناس ، هذاإلى جانب حديث مهند عن الموروثات الثقافية عن حضارة وادي النيل وإمتداد هذاالموروث في محيط المنطقة العربية .
وفي الختام عطر الأمسية الفنان عثمان الأطرش بعدد من أغنياتهالتى نالت اعجاب الجمهور.