هل اتفقوا علي أن لا يتفقوا
لانقل للناس يمموا شطر المسجد الحرام جميعا فإن كانوا يسمعوا لأستجابوا لقول رسول كريم واتبعوا الكتاب المبين ، ولا نقل لهم كونوا علي صعيد واحد بل أقبلوا علي بعضكم منصفين في الحقوق لا في غيرها إنما تأسي علي الحب النساء ، ومعاذ الله أن ندعوهم الي الفناء ونحملهم علي الحديد الذي فيه بأس شديد ، فالذي فطرهم قال إنهم مختلفون ، فمالكم كيف تحكمون ، ألم تنظر الي يدك وبها من الأصابع خمس ، كل واحد من هذه الأصابع بمفرده لا يستطع صرفا ولا عدلا ، أما إذا إجتمعت جميعا ففي ذلك قوة ، ثم اذا كانت هنالك شجرة ظليلة عروقها وجذورها ضاربة تظل خلقا وأناسي كثيرا ، فيا تري لو رحلوا سترحل معهم ، قطعا لا ، وإذا ما إحترقت فبأي شئ يستظلون ، حتما سيلفحهم يوم غائظ وحمارة غيظ وقرارة شتاء ، فلو هرب أحدهم عزت له الحياة وعاوده الحنين وأرقه الشوق وطافت به الذكريات وسلبته الذكري وعاش في غربة لا النفس راضية بها مهيض الجناح مكسور الخاطر ، فتلك الشجرة هي الوطن ولا تستطع حملها معك وهي عصية علي النسيان حتي علي ميت القلب أو ذاهب العقل مخمورا كان أو مخبولا أو من هو متقلب في نعيم الدنيا وغارق في شهواتها فكل ذلك لا يخامر العقول ولا ينسي الوطن مخبول ولا جهول فهو غرس أبدي محفور في سويداء القلوب مرتبط بالنفس والجسد ومن فارقه أو إبتعد عنه فإنه مقتول كمد ، ولو أتتك الدنيا تجرر أزيالها فلن تنسيك مهدك ومراتع صباك ، وكم من مات في غربة وعاد جسده ليعانق ترب الوطن ألم أقل لكم إن الوطن هو العشق السرمدي والحب الأبدي ثم ضرب الله مثلا حتي في الجبال فيها جدد بيض وغرابيب سود وحتي من النحل عسل مختلف ألوانه ومن الشجر والدواب والبشر مختلف لونا وكل ذلك تجسيدا للإختلاف الذي في إجتماعه قوة وفي تعايشه سلام وتلك سنة الله في خلقه ولا تجد لسنة الله تبديلا ولا تجد لسنة الله تحويلا ، ورغم إختلاف الألوان في البشر لكن الله ميزه وجعله خليفته في الأرض فإن عمرها ساد وإن خربها باد ، ووهب إليه العقل وجعل فرقه بينه وبين سائر خلقه الكرامة وسماء به حتي سجدت له الملائكة لأنه روح من أمر ربها ( ويسألونك عن الروح ، قل الروح من أمر ربي ، ، ) فلم الرجوع الي قوانين الغاب والتنافر والتنابذ بالألقاب ثم ضرام ، فلم يقود الإنسان بيده نفسه الي الضر ( بفتح الضاد ) حتي ترمي به وأهله ووطنه في بحيرة الضر ( بضم الضاد ) فالأولي هي الخراب لكل شئ والثانية هي نتيجة الأولي فتقود الي الضعف والهزال والمرض العضال ، فمالنا لا نتعلم من الأيام وقد غني بها مطربنا الأثير ود اللمين ( عليه الرحمة ) ثم أنشد أيضا مطرب آخر وقال ( جدودنا زمان وصونا علي الوطن ) فلم نكن قدر الوصية ولم نقرأ قول الله عز وجل ( من بعد وصية أو دين ) فقد ذكر الوصية أولا لعظمها ولكنا لم نكن لها حافظين ثم ضاع الأمس منا حين مشينا بمواطن الزلق وانحدرنا وانصرفنا عن القضايا الأساسية وكيف يكون حلها وانصرفنا في جدال لا ينفع وركنا للإنصرافي ومن يجادل الانصرافي وكل مصاب بفوبيا صرفته ، حتي أصبحنا كالذي تخرب دياره ثم ينادي له المنادي وهو في سباق الحمير مستمتعا ، ومازلنا نسلك المنعرجات ولم نتعلم من الأيام والهفوات حتي أصبحنا رموز الفشل بالخمس نجوم ، ولم نفكر يوما في صعود الجبال فعشنا أبدا بين الحفر وما بين الحفر ( بضم الحاء ) والحفر ( بفتح الحاء ) كان سيرنا ومسارنا حتي أصبح مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليل تهاوي كواكبه ولكنها سيوف نعملها في بعضنا البعض حتي أوصلتنا الي درك سحيق تغربت فيه الإنسانية ورحلت عنه الكرامة وتفشت فيه الغيبة ومشي بيننا النمام وعلا صوت كل هماز لماز حتي سال الجهل جداولا وأودية وأنهارا وحفائر نشرب منها ليلا ونهارا ، فأوصلتنا الي ما نحن فيه حتي إنهار كل إرث وعفا كل تاريخ وأصبح الوطن في صدور عارفيه حين ذهبت الأخلاق فماذا يكون بعد ذا غير إقامة مأتم وعويلا ، وكل يتحدث عن ذاته وينشد مكسبه أما الوطن في مؤخرة الذاكرة يبيع به وبه يشتري ، فمالهم لا يجلسون وعلي الحد الأدنى يتناقشون وعلي الوطن يتفقون ، والعمدة في ذلك الوطن والسيد في ذلك المواطن الذي هو العماد وبالتقرب إليه يصل الجميع إلي المراد ، وكيف بمن هو بعيد عنه ولا يعرف مصابه ويريد أن يقرر باسمه ، فذاك من لم يقرأ التاريخ ولم يتعلم من الماضي البعيد فقد جمعت ملكة سبأ قومها حين وصلها كتاب سليمان وقالت لهم في معرض حديثها ( ما كنت قاطعة أمرا حتي تشهدون ) فهي قد علمت الديمقراطية في أسمي معانيها وكان ذلك في سحيق الدهور ، فما بالنا نحن ننشد الحل عند غير أهله ونتحدث باسمهم وقد باعدت بنا الأسفار بيننا وبين معاناتهم فتلك لعمري كرة خاسرة ولا هكذا تورد الإبل ، فمن سلك هكذا مسلك فقد أضاع العمر في طلب المحال ، فقد ضعنا وضاع شعبنا حتي أخذ من الفاقة يبيع في نفسه ويشتري تمسكا بالحياة وتشبثا بها كيفما اتفق وفي ذلك آخذ ما كتب به الصديق أحمد بكري علي صفحته في الفيسبوك عن قصة العريس وكيف أصبحت الأخلاق وهكذا قس وإليكم ما كتب من نص :
Ahmed Bakry
العريس (المرحوم)
..
الواحد لا عارف يضحك ولا يبكي علي ما اظهرتو الحرب من انهيار لقيم المجتمع ..
..
في ونسة مع عائدين من مناطق سيطرة الدعامة بامبدة..
..
قالو: انو (الدعامي) في مناطقهم يعتبر عريس لقطة،، والبنات بفتشو ليهو فتيش ويشركو ليهو ويتوددو ليهو، ويلقب شعبيا وسط البنات ب (المرحوم)، لانو مابعمر كتير بعد العرس سرعان مايتكل في اول اشتباك،، وتورث العروس الاثاث والمال والدهب المشفشف، وربما المنزل الذي رحلها اليه بعد الزواج . وتتفاخر ربة الاسرة لجاراتها انو بتها جاها عريس (مرحوم) .. وهو يعتبر اقصر طريق للثروة وتعديل الحال المايل .
قالوا الزواج دا عادة فترتو من الخطوبة والحبس والرحول وشهر العسل لحدي الدفن مابياخد ليو شهر شهرين.
فإذا قرأتها يا هذا والذي فطرك ماذا تري وأي مستقبل بعد ذاك ، فماذا اذا ذهبت الأخلاق والكل يقرأ :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإذا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
محمد عثمان المبارك