ماذا وراء زيارة أبي أحمد للسودان ؟
من أعلى المنصة
ياسر الفادني
آخر زيارة للرئيس الاثيوبي أبي أحمد إلي السودان كانت بتاريخ ٥ سبتمبر عام ٢٠٢٠ حيث كان في إستقباله حمدوك ، أتت هذه الزيارة آنذاك متزامنة مع زيارة كانت قبلها بعشرة أيام لرئيس الوزراء المصري مصطفي مدبولي كانت بغرض الإتفاق مع السودان علي خطة موسعة للتعاون ورفض المساس بحقوق البلدين في مشروع سد النهضة الإثيوبي ، مكث أبي أحمد في السودان يوما واحدا
الظروف السياسية التي كانت في الزيارة السابقة تختلف الآن بعد ساعات تبقت لزيارته السودان ، أبي أحمد كانت بلاده تشكو من حرب أهلية قضت علي الآلاف من الإثيوبيين التقراي وغيرهم من الاثنيات الأخرى إستمرت أكثر من سنتين بسببها فر حوالي ٦٥ ألف لاجئي إثيوبي إلي السودان من إقليم التقراي ، زيارة الرئيس الاثيوبي تأتي بعد أن إنتهت الحرب تماما بموجب الإتفاق الذي تم بين الحكومة الإثيوبية والتقراي وصار واقعا وعادت الأحوال إلي طبيعتها في ميكلي عاصمة التقراي بعد أن كانت خرابا بسب تدمير آلة الحرب التي بالحسابات الدقيقة ليس فيها هازم ولا مهزوم ولا رابح ولا خسران ، فقط الشعب الاثيوبي هو الخسران
ابى أحمد يحمل في جعبته الكثير ، هو يعتقد أنه يمكن أن يساهم كدولة شقيقة في تسهيل ملف التعقيدات السياسية السودانية الماثلة الآن كيف لا … وهو من الذين وضعوا اللبنات الأولي لما يسمي بالوثيقة الدستورية وكان صديق شخصي لحمدوك وممن دعموا قحت ولا يزال ، في نفسه شييء من حتي تجاه القوات المسلحة السودانية التي إستعادت ما كانت تحتله إثيوبيا في سنين خلت من أراضي زراعية سودانية في محور الفشقة
رئيس الوزراء الإثيوبي بزيارته بلاشك أنه يدعم الإتفاق الإطاري لسببين الأول أن الموقعين علي الإطاري هم اصحابه ، السبب الثاني هو أن أبي أحمد حس بأن مصر التي بينها وبينه جفوة تريد أن تدخل المبادرة المصرية لحل الأزمة في السودان ولعل زيارة رئيس الاستخبارات المصري إلي السودان في غضون الأيام التي سبقت ( جعلت الفأر يلعب في ثوبه ) كما يقول المثل العامي السوداني ، أبي أحمد يريد أن يقطع الطريق أمام مصر فيما يتعلق بالمبادرة التي تقودها مصر ، وربما يأتي بعصف جديد في أمر الإطاري تتبناه إثيوبيا مع الإتحاد الأفريقي
داخل الأراضي السودانية حوالي ٦٥ الف لأجي إثيوبي في معسكرات مختلفة داخل ولاية القضارف كان من المتوقع وبعد توقيع السلام باثيوبيا أن تحدث هجرة عكسية إلي مدن التقراي المختلفة لكن لم يحدث ذلك ، يبدو أن معظم اللاجئين ينتابهم الخوف من تكرار آلة القمع الإثيوبية ضدهم كما عايشوها من قبل والمثل بيقول ( الضايق عضة الثعبان بخاف من جر الحبل ) ، وخاصة أن هنالك بعض السياسين المعارضين لأبي أحمد داخل المعسكرات وافراد وضباط من قوات التقراي مطلوبين للعدالة هناك ، إذن أبي أحمد يريد أن يرجع هؤلاء إلي بلاده لكن يبدو بالقراءات الحصيفة أن المسألة ليست بالسهولة بمكان
الزيارة المرتقبة لأبي أحمد للسودان سوف تجد مراقبة دقيقة من مصر وتحليلات لها بزوايا مختلفة ، يمكن لأبي أحمد أن يحقق بعض مايصبو إليه في تطوير العلاقات التجارية بين البلدين وفتح افاق فوائد مشتركة ، لكن سياسيا سوف لن يحقق مايريد داخل الملف السياسي السوداني ولن يحقق جديد في عودة الذين فروا من آلة الحرب التي إستعملها ضدهم .