الانسان والفكر
مقال للنشر
ظِلَال القمــــــر
عبدالرحمن محمـــد فضــل
amff95@yahoo.com
القمع والتسلط والاستبداد بالراي وتكميم الافواه والقهر وفلسفة الانحطاط والانحدار عبر فلسفة ( انا ربكم الاعلي) عندما تسري في المجتمعات تصبح هي أحد أسباب توقف الفكر عموما وتجعل التنوع والتجديد مرتهنا لدي السلطة بكل اشكالها وتنوعها وتعددها وذلك بسبب الخوف والظلم والتسلط ويرجع ذلك الي الإقتناع المطلق بالفكر الخاص لفرد أو جماعة أو إتجاه، او تيار او حزب وهذا يقود إلى غلق الأبواب الفكرية ومنع التفكير وسد الإجتهاد ومنع التجديد فالفرد إذا شعر بالإكتفاء وعدم حاجته للتكامل يتوقف طموحه الفكري ويبدأ بالتراجع والتخلف، بل يصاب بالبلاهة والبلادة ويسهل اقتياده مع اي قطيع من الانعام وهذا هو مبدأ إنهيار الحضارات وانحلالها وتلاشيها وفنائها، ولهذا نجد ان التجديد هو طموح فكري مستمر عبر سعي مستمر متواصل لا يكل ولا يمل من الوصول إلى مستوى أرفع وأعلى، وكذلك لابد للفرد أن ينتزع من داخله ذلك الشعور المغلف بالغطرسة والكبرياء بقداسة أفكاره وصحتها المطلقة، ذلك الشعور يخالف أدنى نواميس الطبيعة وهو أن الإنسان خلق ضعيفا ناقصا غير قادر على الكمال المطلق وعندما يشعر الإنسان في ذاته أنه لم يصل بعد إلى مستوى يعطيه الإكتفاء المطلق، يتحرك بسعي دائب وطموح إيجابي لتطوير أفكاره وعلومه ومعارفه إن التواضع على العكس من ذلك، فهو الإعتراف بالجهل والنقص وعدم الكمال، والطموح دليل على تواضع الإنسان بامكانياته وأنه بحاجة مستمرة للتطوير والتجديد، وهنا يحضرني قول أحد المفكرين (نحن اليوم مصابون بتواضع في غير محله، فالتواضع قديما حمل الإنسان على أن يرتاب في جهوده الأمر الذي قد يدفعه إلى أن يعمل بجهد أكبر، لكن التواضع اليوم يجعل المرء يشك باهدافه فيحمله إلى وقف العمل بالمرة) انتهي كلامه
وبالتأكيد هناك الكثير من عناصر التجديد التي يمكن أن تساهم في تحريك الموجود الفكري لدينا من أجل تجديده وتطويره، مثل تحقيق حالات الإنفتاح الإيجابي على الآخرين، وترسيخ روح النقد والإنتقاد البناء في النفس، ونشر مبدأ الحوار بين مختلف الأفكار من أجل مزيد من النضج والنمو والإبداع، ولاشك بأن مبدأ الحوار هو مبدأ أساسي وأصيل في الإسلام، وعلى ذلك قامت دعوة الإسلام ودارت مباحث النقاش والمحاججة مع الآخرين، وهو مبدأ يدل على عظمة الإسلام ومدى تقديره للإقناع الفكري الحر، والإنفتاح المتبادل مع الآخرين للوصول إلى مشترك متفق عليه، هذا عكس الانغلاق الذي يؤدي الي التقوقع حتي يصبح تيار الفكر والثقافة عاجزا عن الجريان مما يجعله اشبه بمستنقع آثن بالعوالق والطحالب والطفيليات.