مقالات

شر البلية

المسار نيوز شر البلية
ولله في خلقه شئون  ، ويا ما تحيي تشوف العجب  ، وفي سابقة لم تخلق مثلها في البلاد  ، ومن لايعرف حتي عن بلده شئيا ولا درس تاريخها يوما ولم يعرف أيامها أصلا ،  ولا دخل فصول مدارس ولا كتب في دفتر المهرجلين ولا وقف في طابور الصباح ولم يندهوه في دفتر الحضور والغياب ، ولم يسمع يوميا صياح أحد المعلمين وهو ينادي يا ولد ، فتري التلاميذ يتسابقون نحو المكتب أيهما يصل أولا  ، ويسعد من نفذ الأمر  ، ولا ندري كيف قفز الجهلول هذه القفزة الفريدة فزار رواندا والعجيب في الأمر زار المتحف وتحدث عن الإبادة ودان من قام بها وندد بمن فعلها  ، ومازالت يده محمرة بدماء أهل دارفور وخطواته تلعن فيه  ، ولسانه الذي أدان به يخجل منه وهو قد أتي بجرم أكبر من إبادة رواندا ومازالت المليشيا تنكل بأحياء الخرطوم وتروع في قري الجزيرة  ، وكلما مر أفواج القتلة بمكان فقد أهله الأمان وكان هروبهم واجب ونزوحهم حتمي فهل لم تسمع دول الرشوة بذلك  ، فعجبا لدول تستقبل السفاحين وتحتفي بهم ، وعجبا لرؤساء دول تحركهم الرشوة  ، رواندا التي نبذت العنف وذاقت ويلاته بالأمس تستقبل اليوم مهندس الابادة الجماعية ، قاتل وسفاك وجاهل ويزور متحف للتاريخ وهو لم يقرأ تاريخ ولاجغرافيا  ، إنه الكاش الذي يقلل النقاش ويجعل القاتل رحيما والسفاح حاكما ومرشدا  وحكيما ، إنها إفريقيا يا ولد فلا تحزن  ، أشرب عبارك فاليوم خمر وغدا أمر ، فدول بعضها زي بعض لا تقرأ ولا تعتبر ، فهي ملك مالكها وباسم صاحبها والإنسانية عنده بمقدار ما ينال من نصيب  ، فافريقيا بلد المصيبة والمصائب  ، فدعكم منهم فمن أراد أن يكون في أمة لها عنوان فليحفظ كيانها ويعي دوره تماما فمن لم يدفع عن بيته الضر فلايجد من غيره نفع  ، فكل شئ زائل إلا أن التاريخ يكتب ، والأرض تشهد ، وهي دوما تحفتي بمن يحميها وتذكر حارسها ،  فأحفظوا جميلها وردوا دينها ، فصاحب الحق إن وقف علي حقه فلا يستطيع أحد أخذه ، وإن مات دونه خلد نفسه ومضي مع الشهداء  ، ويا أيها الناس أريتم إن هربتم وتركتم أرضكم ودياركم فأين تذهبون وكيف تأكلون ومن أين  ، تأكلون من الشحدة  ، تأكلون من الذلة  ، تمدون يدكم وقد تأتي فارغة ، يعطيكم هذا ويمعنكم هذا ، فهل هذا حال يسر صديق  ، ولما ترضي بأن تكون يدك هي السفلي ، ثم ماذا إن لم تجدوا ما تسدوا به أدني الرمق ، أما كان أحسن لكم أن تموتوا موت عزة في أرضكم  ، وإذا كان الموت مؤكدا في خروجك مذلول فالبقاء خير لك ،  أما أن تموت في عزة أو تحيا في عزة وهل بعد هذا شرف وأنت حميت بيتك ومالك وعرضك بشرف  ، فعشت في شرف أو رحلت بشرف  ، فلا تسمع ورجغة المخذلين ودعوة الخائبين  ، ومن هرب من وطنه هربت منه الحياة وصار مضحكة ، وشر البلية ما يضحك .




      شندقاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى