الأخبارمقالات سياسية
الناطقون الرسميون
الكاتب د. عصام بطران
- المتحدث الرسمي أو ما يطلق عليه اصطلاحاً (الناطق الرسمي)، شخصية محورية باتت تشكل أهمية قصوى داخل المؤسسات العامة والخاصة في ظل تسارع لغة الإعلام الجديد وانتقال وسائل الاتصال بين المؤسسة وجمهورها من مرحلة الاتصال المباشر إلى مرحلة الاتصال التفاعلي عبر الوسائط الالكترونية المختلفة.
- تعاني مؤسساتنا خاصة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتقديم الخدمات ومعاش وحياة الناس من صحة، أمن وتعليم، تعاني من قصور في التواصل مع المواطن البسيط عبر الناطق الرسمي للمؤسسة، فالناطق الرسمي في مؤسساتنا ليس بذات القدر من السرعة والاستجابة الفورية للحصول على إجابات شافية ووافية على تساؤلات الجمهور.
- من العجيب أن تأتي إجابات النفي أو التوضيحات والبيانات الصحفية من نشطاء (الميديا) قبل إطلالة الناطق الرسمي للمؤسسة خاصة إذا تعلق الأمر بقتل شائعة في مهدها أو تبيان للحقائق الغائبة أو تصحيح لمفاهيم خاطئة لقرارات تم اتخاذها بواسطة المسؤول الأول.
- لعل ذلك يظهر جلياً خلال الظهور البطئ لبيانات الناطقين الرسميين في المؤسسات النظامية وأنه حتى هذه اللحظة لايعرف المجتمع الصحفي أو عامة الجمهور ناطقاً رسمياً باسم القوات المسلحة غير النشاط الملحوظ للعميد ركن الطاهر أبو هاجة المستشار الإعلامي للبرهان وأيضاً النشاط المواكب لفريق الإعلام العسكري.. لكن كل من وظيفتي المستشار الإعلامي والفريق الإعلامي الإخباري لا يحلان محل الناطق الرسمي لأنه الترس الذي يحرك معالجات القصور في الخبر والقوالب الإعلامية الأخرى، بالإضافة إلى تواصله الفعال مع المجتمع الصحفي لايجاد إجابات على تساؤلاتهم وايضاحاتهم في المكان والوقت المناسبين.
- أما الناطق الرسمي لقوات الشرطة العميد شرطة إدريس ليمان، فهو بعيد كل البعد عن التواصل مع الصحافة ونشطاء التواصل الإعلامي الالكتروني، مما جعل هناك فجوة بين الشرطة وأجهزة الأعلام والصحافة وانعكس ذلك في ضعف عملية التواصل الإعلامي معها للحصول على الايضاحات الصحفية وكبسولات الإطلالة الإذاعية والفضائية والوسائط الالكترونية.. وخير دليل على بطء ايقاع الناطق الرسمي لمؤسسة الشرطة هو التناول المتأخر لمعالجة وتصحيح شائعة حظر المدير العام السابق لقوات الشرطة الفريق أول خالد مهدي من السفر، تلك الشائعة التي أخذت في الدوران عبر الوسائط لأكثر من أسبوع، فليس من المعقول أن تطل الشرطة ببيان ايضاحي سبقهم عليه نفياً الناشطون في مجال الصحافة الاجتماعية بتواصلهم المباشر مع المدير العام السابق، بينما ظل الناطق الرسمي للشرطة (صامتاً) لمدة أسبوع عن التناول الإعلامي الايجابي تجاه شائعة القصد منها النيل من سمعة قوات الشرطة واشعال نار الفتنة بين قياداتها خاصة المعاشيين والذين لازالوا بالخدمة امتعاضاً من مصير ينتظرهم كما جرى لصاحبهم.
- الناطق الرسمي هو العقل الإعلامي الذي يلم بمهارات ومواهب فطرية تؤهله لتحقيق الأهداف والتواصل الفعال بشكل يرضي المسؤولين والجمهور على حد سواء.
حقيقة تعاني مؤسساتنا من عدم وجود كوادر مدربة ومتخصصة في مجال المتحدثين الرسميين وأهم سبب لضعف أداء الناطقين الرسميين هو افتقادهم لعنصر الديناميكية وحرية الحركة، إذ إن مهمة الناطق الرسمي يجب أن يتوفر فيها عنصر التفويض من قيادة المؤسسة لمنح الناطق الرسمي حرية الظهور على نحو السرعة مع الأحداث دون انتظار إذن من المسؤول الأول أو منحه شارة الظهور. - … وهكذا معظم مؤسسات الدولة خاصة التي لها روابط اتصال جماهيري تفتقد “الناطق الرسمي” الماهر المؤهل المدرب الموهوب المدرك لحدود مهمته.. إن بطئه وعدم تواصله مع الأجهزة الإعلامية والمجتمع الصحفي يجعله في خانة (الصامت الرسمي)، فالمتحدث الرسمي ليست شخصية تلقي الخطب والبيانات الرسمية على الجمهور ووسائل الإعلام فحسب بقدر ما يجب أن تكون له القدرة على الاستجابة السريعة لردود الفعل الناتجة عن استقبال وتفسير وفهم الرسالة الإعلامية وفق ماتحدده أهداف مؤسسته ورغبات جمهورها ونهم المؤسسات الإعلامية لمزيد من المعلومات الايضاحية والتفسيرية للظواهر التي تسبب ازعاجاً للمؤسسة وجمهورها وقيادتها.