مقالات

هل من علاج

المسار نيوز هل من علاج

بلغة الركانة تسير وعن طريق المهاترات تسوق حديثها والأغلبية الصامته التي تزيد معاناتها يوما بعد يوم لا يعنيها الكلام ولا تفهم منه شئيا وتحسبه لغة الطير في الباقير يتحدثون بحديث يفهمونه لوحدهم ويخص شأنهم ويعني خاصتهم ويغضون البصر عن الشارع الحزين الذي يقرأ كل يومه رواية مالك الحزين وقد سمي بعض عياله الخزين تفاؤلا أن يخزن حتي قوت يومه أو بعض يومه ، فمنهم من أتي من خلف البحار وجازي شعبه جزاء سنمار ومنهم من جاء من سكة ضياع أو من رفقة ضباع ولفيف شبعوا بعد جوع فكان الشر فيهم أصيل والخير فيهم دخيل وحديثهم في لف ودوران حول الكرسي ويسبحون بحمده ويجثون ويخطبون ود من يقربهم به ويغازلونه في مودة ويعانقونه عناقا ليشفي ما بهم من حرور وهم في سعيهم الدؤوب وفي وصلهم سرا وجهرا وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة وغبا ويوتا تعرفهم بسيماهم ومن لحن القول ومنهم من تغير حاله وتبدلت أحواله وليس ذلك علي الله ببعيد ولكنها أتت إليه بغير بابها ولبس الجديد وركب الحديد وشرب الشديد وأصبح يومه عيد فهل يا تري ينفع محمد أحمد الغلبان قطعا كولادة الأحد التي لا تنفع حد فهم مع نفسهم ولنفسهم ويحلفون جهد أيمانهم أنهم مع البلاد ومصلحة العباد وقد كثرت الأحزاب في الزمن الغلاب وسماسرة يتجولون وتحت التربيزة يفعلون ثم يقولون هل راكم من أحد وياكلون دون غسل الأفواه والأيادي فيتغير حالهم وكومبارس من خلفهم صم وبكم وعمي وكثير من الطيبين ومن يفرح بفتات وبغال تمشي مع خيل وحلبة حكرا ترفض داخليها وتذبح الحكمة بمدية عاقر ناقة صالح وتسميه الفالح ، وقديما كان المثل يقول ( أنا وأخوي علي إبن عمي ، وأنا وإبن عمي علي الغريب ) فتغير الزمن وأختلت الموازين واضطربت المقاييس فأصبح المثل الترند ( أنا والغريب علي أخوي ) ، ألم تر كيف يجلس اليانكي ؟ ألم تر الذين يهرولون نحو وصدورهم لها أزيز يحملون النار ليشعلون له الغليون ؟ أنظروا كيف يجلس علي الككر ويتصاعد دخان كدوسه ؟ هكذا تكون الأوطان في زمان المتاهات والزمان المسغبة حين يختفي الفلاسفة ويموت الحكماء وتغلق المكتبات أبوابها ولم تعد بيروت تكتب والقاهرة تطبع والخرطوم تقرأ فلا دار سودانية قائمة ولا مروي بوكشوب حاضرة ولا مثقف بجانب الشاطيء الغربي أو الشرقي ولا عندليب أسمر يشدو عدي بينا يا ريس ولا شاعر يخاطب النيل ( هل أنا يا نيل منك ) فلا مثقف ولا أديب ولا كاتب ولا رشيد ولا حكيم حتي أصبحت الحكمة قد حكم عليها بالإعدام والأحزاب وقفت عند شجرة النشاط وكانت منتهاها ولم تعد بالشارع التصاقا وصارت في العوالم الافتراضية تسافر في فلكها سفيرا حتي صار حديثها ممجوجا وسفيرا وكثير من الناس لا يعرفون السفير لأنهم لم يشهدون حصاد زرع ولم يكن بينهم زارع ولم يرون سفيرا تحمله الرياح فكانوا كما كان وكما يحيط بنا الآن ، وكنا كما هم في تخبط لا يرون إلا ما يروا ، وكيف نرد بقربة مقدودة وقد تأتي النعم في طى البلايا ، فالمواطن السوداني الذي أثخنته الجراح ولفحته السموم وتكالبت عليه الهموم لا يهمه كل الموجودين على المشهد السياسي وليس حريصاً على بقائهم بقدر ما يهمه أمنه ومعاشه وعلاجه وتعليم من يعول فهو لا ينظر ولا يعول علي الذين يسعون لزيادة معاناته وتغليب مصالحهم الذاتية أو الحزبية على مصلحته فمثل هؤلاء لن يجدوا عنده السند ولا يكون لهم عضد بخطابهم الديماغوجي أو العاطفي الخالي من الموضوعية ولا يلامس حالهم ولا يغيير واقعهم وعلي من أراد أن يكن مع المواطن فليكن به لصيق ويعرف واقعه ويعمل جهده لرفع المعاناة عن كاهله ولا يرفع نفسه وخاصته علي كاهله ، فإن الوضع شائك والأحزاب تائهة والحكمة ضائعة .

  محمد عثمان المبارك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى