أمريكا وبريطانيا تتشددان مقابل تحفظ ألماني يعاين التأريخ :
حرب أوكرانيا تفاقم الخلافات الأوروبية
- إستضافت ألمانيا 316 لاجئ أوكراني بينما أصدرت المملكة المتحدة 29 ألف تأشيرة فقط .
أنفق الاتحاد الأوروبي مبلغ 35 مليار يورو لروسيا مقابل الطاقة منذ بداية الحرب مقارنة بمليار يورو فقط لتسليح أوكرانيا .
تقرير
بقلم رئيس التحرير
بات واضحاً أن الحرب الأوكرانية تثير المزيد من الخلافات الصامتة بين الأوروبيين . وفيما تنزع أمريكا وبريطانيا نحو المزيد من العقوبات والتضييق على موسكو ، وتقديم المزيد من الدعم العسكري لكييف ، فإن ألمانيا تبدو أكثر تحفظاً تجاه الدور الامريكي البريطاني .
واستشعاراً بخطرورة الموقف على مستقبل القارة ، يسعى رئيس الوزرء البريطاني بوريس جونسون لحث ضيفه المستشار الألماني على المضي قدمًا في العقوبات ضد نظام فلاديمير بوتين خلال لقائهما اليوم في لندن ، ووفقاً لتقارير بريطانية ، يرغب بوريس أن يستهدف الاتحاد الاوروبي المزيد من البنوك الروسية وأن يقطع مدفوعات الطاقة التي تمول جهود موسكو الحربية . في المقابل ، سوف يضغط المستشار الألماني شولتز على رئيس وزراء بريطانيا بشأن ما يمكن لبريطانيا أن تفعله للمساعدة في استقبال اللاجئين الأوكرانيين ، حيث استقبلت ألمانيا 316 ألف شخص لاجئ أوكراني فروا من الحرب ، بينما أصدرت المملكة المتحدة 29 ألف تأشيرة فقط. وتقاوم برلين دعوات دول مثل بولندا ودول البلطيق لفرض عقوبات أكثر صرامة على موسكو ، وهي تخشى التداعيات الاقتصادية من إغلاق صنابير الغاز ، مع تفشي التضخم ومعاناة القطاع الخاص . وكانت ألمانيا قد نجحت بالأمس في تخفيف حظر الاتحاد الأوروبي الجديد على الفحم الروسي بحيث لن يدخل حيز التنفيذ إلا في منتصف أغسطس . يذكر أن الاتحاد الأوروبي دفع 35 مليار يورو لروسيا مقابل الطاقة منذ بداية الحرب مقارنة بمليار يورو قدمها لأوكرانيا في مجال التسليح . كما كانت برلين مترددة في الموافقة على شحنات أسلحة إلى أوكرانيا بسبب مخاوف من استفزاز بوتين .
وعلى ما يبدو فإن العداء التأريخي بين الحليفين البريطاني والأمريكي لروسيا هو الدافع نحو المزيد من التشدد . ويستفيد تشدد أمريكا تجاه خصمها التقليدي من البعد الجغرافي بين القوتين العظميين والذي أشار إليه المفكر الاستراتيجي هنري كيسنجر بقوله أن أمريكا محمية من الضواري العالمية بمحيطين هما الأطلسي والهادي . وبريطانيا هي الأخرى يفصل بينها وبين روسيا العديد من دول أوروبا الغربية وبحري الشمال والبلطيق . وبالنسبة ألمانيا من عانت ويلات حربين كونيتين فهي ترك أنها ستكون ضحية أي تصعيد يعيد العالم لحقبة الحرب الباردة ، وهي من كانت الأكثر تأثراً بحربين كونيتين ، وما تزال آثار جدار برلين شاهداً على الثمن الذي دفعه الألمان .
وهي تتسيد الاقتصاد الأوروبي لن يسقط من الذاكرة الألمانية عقوبات مؤتمر باريس العام 1919 .
من المبكر جداً تصور الحالة السياسية لأوروبا بعد أن تضع حرب أوكرانيا أوزارها ، ولكن مما لا شك فيه أنها ستخلف ندوباً كبيرةً على شكل التحالفات والاتفاقية المستقبلية ، وحتى على حلف الناتو .