أَسَفَاي !
بقلم ياسر الفادني
كلمة أسفاي سمعتها من الفنان الراحل المقيم محمد وردي في اغنيته الشهيرة ، هو يتأسف علي حبيب فقده ، تعزف الفرقة التي معه أنغاما حزينة ، الفرق شاسع الآن بين ما تأسف عليه وردي في أغنيته وما يتاسف عليه الشعب السوداني الآن ، الشعب السوداني الآن يطلق كلمة اسفاي علي حال سياسي شاذ وغريب يرسل عبارات التحسر علي أمل ضاع ، نشد التغيير لكن تبدل حاله بليس الذي يريد ، طالب بالمدنية ولكن المدنيون الذين تقلدوا المناصب كانوا مثالا للفشل والفاشلين ، طالب بالرخاء والتنمية والخدمات المثلي لكنه وجد الضنك والمسغبة والتدهور في كل شييء حتي المشاريع والمنشاءات التي نفذوها من في العهد البائد صارت قاعا صفصفا ولم تمتد لها يد الاصلاح والتطوير
لأول مرة في حياتي وأقولها بصدق…: أري رئيس وزراء ليس له قرار ولا إرادة ، ولأول مرة أري رئيس وزراء يختفي تماما من الظهور وتارة (يعمل فيها رايح ) وتارة يجعل وضعه في حالة الطيران و لا نسمع له ( كشكشة) ، عندما تدلهم الأمور لا نراه ولانسمعه في لحظة نريد أن نسمع ويكشف لنا الحقيقة ، يختفي تماما هل لا يهمه الأمر؟ أم يخاف من مواجهة الأزمات ؟، أم هو ضعيف مكبل؟ ، أم يتخذ مبدأ أضعف الإيمان سبيلا ؟ ، أستغرب جدا في رأس الهرم المدني الذي لاتستفزه أي مصيبة تحدث في هذه البلاد ، كل الذي نسمعه عنه أنه تارة يلوح بالإستقالة وتارة يعدل رأيه فيها ، الإستقالة التي أخذت منحي (يا خلف الله ما…..عذبتنا ) ! وتارة تقول الأنباء أنه سوف يقول خطابا للأمة السودانية التي أصبحت لا تفهم مايحدث في الشأن السياسي ولا يكون هنالك خطاب ، مناسبات عظيمة تمر ورئيس الوزراء يصمت حيالها…
من الأخطاء الكارثية التي حدثت في الشأن السياسي الحاضر هو عودة حمدوك مرة ثانية علي رأس الحكومة المدنية ، والتي كانت بمثابة إعادة ضبط مصنع العملية السياسية وإدخال نسخة فشل جديدة ، لا يستقيم الأمر لعاقل ماذا يحدث للسيد رئيس الوزراء ؟وما هو سبب الصمت المبين ، أمعقول هذا ؟، يموت العشرات في دارفور ولا يحرك ساكنا ولا يشجب ولا يدين ولا يطرح معالجة ، امعقول هذا ؟ يقتل من يقتل في الشارع ولا يقشعر بدنه حتي ؟ الوضع السياسي المخنوق والذي كل يوم هو حالة التنفس الإصطناعي الذي يعطي له كل حين هل له رؤية في معالجة الاختناق؟ حال إقتصادي منبطح تماما مغشيا عليه هل هذا لايراه؟
حمدوك رفضته حاضنته التي أتت به وهو الآن يحسبونه من يدعم الانقلابيين كما يقولون ومنهم من يقولون أنه (شرعن ) لهم الطريق عندما عقد إتفاقه السياسي في الحادي والعشرين من نوفمبر والذي لم يصفق له إلا هو والبرهان ، حمدوك الآن الشارع الذي يسير المواكب يرفضه تماما ، لا حاضنة له الآن الا من في مكتبه ! حتي العساكر يبدو أنهم أجبروا علي عودته مرة أخري نتيجة لضغوطات هنا وهناك …
حمدوك إن أقدم علي الإستقالة الآن لا يجد من يبكي عليه إلا الذين أتوا به من الخارج لأنه رمز الفشل ، نحن للأسف الشديد في بلد لاندر الي أين تسير وتتجه؟ ، أزمات وازمات ظل ينوء بها هذا الوطن ، لا توجد بصيرة سياسية ولا يوجد عقل راجح من بين الذين يحكمون ولا هنالك بوادر حل لهذه الأزمات التي كل يوم تستفحل وتزيد ، كل ما نراه عبارة عن مسكنات تاخذ وقتها في التطبيب وتعود الازمة من جديد ، أسفاي ثم وااااسفاه علي مانري ونشاهد في الشاشة السياسية ، لم يتبق لنا إلا الدعوات الصالحات اللهم ولي علينا من يصلح ولم يتبق لنا غير (نرجي الله في الكريبة ) ! .