إفتتاحيه زيفوا توجيه البرهان الواضح رغبة في فرحٍ زائف : النيابة لن ينطلي عليها التشويش تجاه فساد يعافه أنف التأريخ :
. تمام العدالة في تسريع الإجراءت لا في تساهل يفضي للإفلات من العقاب .
. القانون لا يقر تأثير الصخب السياسي على سير العدالة والنيابة العامة غير غافلة .
قبل أن تنسحب مكبرات الصوت من أمام رئيس مجلس السيادة خلال إفطار الفريق العطا ، ضجت الخطوط الإعلامية العريضة بما مفاده أن البرهان أعلن عن إطلاق سراح المحتجزين خلال أيام . ثم أن ركبان المهتمين والعوام في آن واحد تصورت أن القرار يشمل الجميع بلا استثناء ، وعند ذلك وجم من وجم وصفق من صفق ولأي مبرراته وجوماً وتصفيقاً .. أما الواجمون فهم من ساءهم تغييب العدالة عبر إطلاق سراح ذوي الجرائر ، وبالنسبة للمصفقين فقد آنسوا إنزال صخرة سيزيف الفساد عن كاهل قادتهم لينطلفوا نحو مشروعهم في حل مما ارتكبوا تحت شعار ( عفا الله عن ما سلف ) .
لكن حلم الصيف للمصفقين ، وغيهب الليل للواجمين لم يطل قبل أن تنفرد ( المسار نيوز ) بتصحيح توجيهات الرئيس ،كونه طالب بتسريع الإجراءات لا بابتسارها عبر إطلاق جميع المحتجزين .
وقد يكون مقبولاً أن يختلط الأمر على الجمهور بيد أن النيابة العامة لا تأخذ ولا يجب أن تأخذ بعناوين الوسائط أو أن تتأثر بها ، بل عوضاً أن تنظر في مقامٍ أول في توجيه الرئيس ، وفي مقام آخر بضرورة الصرامة في التعامل مع كل ملف لكل محتجز على حدة .. بحيث تتم محاكمة كل من ووجه بتهم جنائية ، ويطلق سراح البريء من التهم .
عندئذ تظل خطورة ما حدث من تشويش في نقل التوجيهات في أن تتأثر بها النيابة في ظل جرائم فساد مالي وإداري يعافه أنف التأريخ . وهنا يتعين على النيابة العامة المضي قدماً في إجراءاتها تدقيقاً تجاه التهم ، وتحشيداً للأدلة ضد أي ممن وجهت له تهمة الفساد أو خلافها من التهم الجنائية . وبمراجعة أداء النيابة لا يملك المراقب إلا أن يثني على نيابتنا العامة في مهنيتها العالية، ونأيها عن تسيس العدالة ، إمعاناً في مبدأ عدم الإفلات من العقوبة . ومما لاشك فيه أن مضي الأمم نحو تحقيق أهداف شعوبها لا يمكن أن يتحقق في غضون إتاحة الفرصة لكائن من كان للإفلات من العقاب .
لقد ظلت الأمة ترزح لثلاث سنوات تحت نير مجموعة تصورت أنها امتلكت كل شيء ، وما من سوداني إلا وتأففت حواسه مما نسب للجنة إزالة التمكين في عهد الحكم المقبور ، وكيف استحلت دون مسوغٍ مؤسسي إداري التصرف في أرقام فلكية من المال ، وفي المنقولات ، وفي العقارات ، وكان واجب المؤسسات العدلية أن تفعل ما فعلت من حيث تحديد التهم واحتجاز كل من حامت حوله شبهة ترقى لتوجيه الإتهام ، قبل أن يتخير المفسدين ( دريبات ) تطمس آثار ما اغترفوا دون وجه حق .
غني عن القول أن الدفوع السياسية لم تنهض في أي يوم كعاصمٍ من سير العدالة تجاه تهم جنائية واضحة المعالم ، كما أنه العدالة المجردة ليس من حقها أن تنتبه أو تأخذ بعين الاعتبار معايير أو تسويات أو ترضيات سياسية للتنازل عن قطعيات التزام العدالة .