إنذار مبكر وقارعة قريبة
شعب فريد وطبيعته متفردة ولا يعرف عداوة دايمة وزعله يمر في يومه ولا يمكث الي غده وإن كان بينهم ما صنع الحداد وجئت طارقا بابه نادرا من تجد من يردك وعندهم من طرق بابك وصددته أمامه ففي ذلك مسبة ما بعدها مسبة وإنتقاص لفاعله ما فوقه إنتقاص وقد يصبح تاريخ يسئ لصاحبه ومثل سوء تتناقله الركبان ، وقد يكون بينهم كجماعات عداوات نائمة ومماحكات قائمة ولكنها لا تستمر طويلا تؤججها أبسط الأمور لكنها ليست عصية علي الحل علي أيدي الأجاويد ولا تقف في وجه الكبار ولكن كل ذلك يمر مرور الكرام دون نزع جذور المشكل، فكانت هكذا تنبت كل حين خصوصا اذا وجدت من يتعهدها بالسقاية وطارق بابها ومشتري حلتها ومزين شكلها وواضع مكياجها وهم اليوم قد زادوا عددا في بلادنا وصاروا في سعة من المال وطغي صوت منشدهم رأيت الناس قد مالوا الي من عنده المال ، وقد كان ، وقد تكون الأرض سببا في العراك وقد يكون الدم سببا أحيانا ، ولكن للكبير رأي وللجار معزة وللمستجير حماية وللوسيط خاطر وكم مستجير أجاره أخو المظلوم أو حماه صهره والتاريخ ملئ بهكذا روايات وما قصة طه حين قتل ود دكين والمك نمر كيف حماه رغم ما بينه من رباط مع الشكرية وبذلك إتصف كل أهل السودان قاطبة ، وهنالك من عنده تجبر الخواطر وهكذا شعبنا تعايش بالفطرة وقد تعكر صفوها أسباب قد لا ترقي أو ترقي لكن سوف تصفو الليالي بعد كدرتها هكذا كان أهل السودان حتي أنشد منشدهم كل أجزائه لنا وطن فلم يبخلوا علي من نزل بأرضهم حتي وجدهم كما هم الضيوف وهو رب المنزل ، فقد كانت بينهم الإنسانية تسعي والأخوة صادقة ولكن هذه الهنات كبرت وترعرعت وتقرب منها كل عتل وجواظ حتي ظهرت الي السطح عيانا وظهرت في الشارع بيانا وما كان في بشدار بالأمس القريب جرس خطر وانذار مبكر وهنالك من يتعهده بالرعاية وأيدي خبيثة من خلفه تستغله وتشتريه بثمن بخس ، فهم صبية لم يبلغوا الحلم بعد إذ غيبوا وعيهم وجهة من خلفهم تستغل حوجتهم وتمدهم بما يذهب عقلهم فيفقدوا السيطرة علي التصرف وحينها لا يحترمون كبيرا ولا يوقرون صغيرا ، ومن غياب عقلهم يري أحدهم أنه جبل أشم وعملاق أوحد ودونه نمل وهكذا الفأر حينما كان ثملا إذ رأي نفسه أسدا ورأي القط فأرا ، وما دام هنالك غائب العقل ومغيبه فلنبحث جميعا بل هو واجبنا أن نضع يدنا علي من يفعل ذلك بشبابنا ومن وراءهم ، ولنا أن نتسآل من يعطيهم البمبان ومن يعطيهم المسدس إن سلمنا أن السكين والساطور مبذول علي قارعة الطريق ، حتما بأن الذي خلفهم لا يريد لبلادنا استقرا ولا يعرف معزتها وهو مقطوع السند ومعدوم الجذور وليس له قبر أم هنا ولا أب ولا ضلوع أجداد تحت ترابه ولا ميراث أب أو جد يعتز به ، فنقبوا في البلاد سوف ترون من يسير بترجمان وتعرفون من يلبس لكم جلد الأرقم ويضع الأثافي ويدبر بليل كيف يريد وماذا يريد ، فأؤلئك هم الأعداء فلا تكونوا لهم ظهيرا ، فوحدوا شملكم وتدبروا أمركم حتي لا تقع الوقيعة بينكم فيكون شعاركم أهرب سعيد فقد هلك سعد ، فيجب أن يكون العقل حاضرا وندرس هذا الواقع المعقد ونقف علي هذا المنعطف الخطير وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه ، فلا يصلح أن نكون كأصحاب الأعراف وهنالك من يدعو الي النار فلا تتخدوه خليلا وهنالك من شمر عن سواعد الجد داعيا لوطن السلام فلنكن نحن دعاة ذلك الوطن الآمن الذي يسير فيه صاحبه آمنا لا يخاق إلا الله والذئب علي غنمه ، فتفاكروا سويا حتي نخرج من هذا النفق المظلم ، فإن لم تفعلوا فابشروا بقارعة تحل بدياركم وتفرقكم أيدي سبأ وتمزقكم كل ممزق وتصبحوا أحاديث تروي وأثار بسبيل مقيم ، وتاريخ يكتب كيف أصبحتم في داركم جاثمين ، فادركوا بلادكم قبل البوار ، ونسأل الله أن يوحد الشمل ويحفظ البلاد والعباد من كل شر ويجعلنا لبلادنا عمارا ونمشي في مناكبها مطمئنين ونأكل من رزقه فرحا ونعيش في بلادنا أمنا وسلاما وإستقرارا.
محمد عثمان المبارك