احذروا الحماقات والأكاذيب! خالد الإعيسر
مازالت الأزمة في وطننا أزمة غياب للمصداقية والشفافية والوضوح مع الشعب السوداني.
صدر ليلة أمس بيان من السفارة الأمريكية بمناسبة انعقاد لقاء هو الأول من نوعه بين قوى إعلان الحرية والتغيير “المجلس المركزي”، والمكون العسكري، منذ إجراءات 25 أكتوبر الماضي.
والاجتماع عقد بدعوة من مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية مولي فيي، والسفير السعودي في السودان علي بن حسن جعفر.
اللافت أن بيان السفارة الأمريكية حول مخرجات هذا اللقاء كان صدقاً مع الشعب السوداني في نقل ما دار خلف الكواليس.
حيث ذكرت السفارة الأمريكية، في بيانها، أن اللقاء جرى بغرض تبادل الأفكار حول “كيفية حل الأزمة السياسية في البلاد والوصول لعملية سياسية توافقية تؤدي إلى الانتقال الديمقراطي”.
وأعلنت السفارة عن ترحيبها بالتزام الطرفين لوضع مصلحة بلادهما أولاً والحوار مع أصحاب المصلحة الآخرين.
في المقابل بيان قوى إعلان الحرية والتغيير “المجلس المركزي” لم يكن صادقاً “كما العادة”، وصمم لتعصيب العيون وإيهام الشعب من جديد والغاية هي ترتيب أوضاع البلاد بمدخل -بهلواني- جديد يتيح الحصول على تفضيل وامتيازات لهذه المجموعة، وتجلى ذلك بوضوح في التناقض بين بيان قوى إعلان الحرية والتغيير “المجلس المركزي” والبيان الصادر عن السفارة الأمريكية.
حيث ركزت السفارة الأميركية في بيانها على نقطتين جوهريتين أولهما أن الحوار ليس بمنأى عن عمل الآلية الثلاثية، والنقطة الثانية هي التشديد على عدم الإقصاء، وأنه ليس هناك مجال مرة أخرى لحلول انتقائية ثنائية؛ وأي حوار يجب أن يشمل أصحاب المصلحة الآخرين، بينما بيان قوى “إعلان الحرية والتغيير” كان واضحاً أنه موجه لخداع الشعب وسرقة صوت وحراك الشارع من جديد.
ظللت أردد أنه من الضروري مشاركة جميع أصحاب المصلحة قناعة بأنه أقصر الطرق للحلول الناجعة لأزمتنا الوطنية، وها هي سفارة الولايات المتحدة الأمريكية ومعها سفارة المملكة العربية يعلنان دعمهما للمنهج الداعي لمشاركة جميع أصحاب المصلحة في العملية السياسية، وهذا ما أكدته البيانات التي تناولت المساعي لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة.
ما لم تتحرر العقول من الفكر الإقصائي الذي مارسته بعض القوى السياسية المتهورة طوال ثلاثة أعوام سيدور السودان في هذه الدائرة الشريرة التي أوجدتها بعض الأحزاب السياسية عديمة القواعد الشعبية والتي سرقت ثورة الشعب وأضاعت بالحماقات كسب الشباب وتضحياتهم من أجل التغيير، وحولت كل مكاسب الثورة “المبهرة” إلى “أحزان وخسران وتراجع لأوضاع السودان”.
ختاماً، احذروا الحماقات والأكاذيب حتى لا تتعمقوا سقوطاً في هذا النفق المظلم من جديد.
وعلى قوى إعلان الحرية والتغيير “المجلس المركزي” أن تفهم بأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وأن الشعب السوداني لن يلدغ من جحرها مرتين، وأن قطار الحوار الذي انطلق يجب أن يكون متاحاً لجميع أصحاب المصلحة في قيام دولة مواطنة حقيقة (بعيداً عن أي شكل من أشكال التمييز والخداع والمؤامرات السياسية القبيحة)!.