الممبتة لا تقطع أرضا
شجرة تساقطت أوراقها وفقدت ظلها ويبست فروعها وأكل جذعها دابة الأرض وكانت قاب قوسين أو أدني تسقط ويمسح أثرها كما تم مسحها في قوز دنقو ولو لا إتفاق جوبا الأعرج لدفنت تحت الأرض وما دفن تحت الأرض لا يبعث إلا يوم البعث وبعدها هام قادتها بالأمصار يتخبطون كما يتخبط الذي به مس من الشيطان كان هذا هو مشهدهم التراجيدي والثورة ساقية مدورة أربعة أشهر حسوما وهم في بياتهم الشتوي ونومهم العميف الذي يضاهي نوم أهل الكهف ولم يكن لديهم ورق ليرسلوه به صاحبهم الي المدينة وفي نشوة الشعب وإنتصاره وسكرة الفرح وفي غفلة الزمان كان إتفاق جوبا حاملا لهم الأكسجين وأحياهم بعد أن خارت قواهم وأفرنقع جمعهم وبقية جنودهم حيث يرتزقون بين طرابلس ودرنة والكفرة وما بينهم فسكن صوتهم في موتهم السريري لكن سبحان من يحي العظام وهي رميم فدخلوا هيكلا عظمي فكسته الثورة لحما وأعطته منساة يتوكأ عليها ثم ما لبسو أن غنوا قالوا القصار طالوا وهاهم في توهمهم مازالوا حتي انكشف أمرهم إذ لم يكن لهم علي الأرض صليح ولا مناصر فهم فرادي أهمتهم أنفسهم وقد بان حديثهم بالأمس أنه كان من باب المتاجرة فدخلوا من باب توزيع الغنائم اذا اعطوا منها رضوا وان لم ينالوا منها فإذا هم ساخطون ، وقد تبين وتكشف أمرهم أنهم خالي الوفاض يلبسون لباسا فضفاضا لتزين أنفسهم وتكبير حجمهم وقد تبين أنهم منقطي السند وليس لهم في الأرض مراغما قليلا أو كثيرا يفرون منهم أهلهم كما يفر السليم من المجزوم ، فبالأمس كانوا يتحدثوا عن الظلم والتهميش واليوم ليبسون ثياب دعوني أعيش ، فلم يستطيعوا الذهاب الي ربعهم لأنهم أنكروه وقد كانوا باسمه يتكسبون وبقضيته يتاجروا والي جيوبهم ينظرون وعلي الشعب يمكرون حتي انكشف أمرهم وبانت سوآتهم واتضح أن لا معهم ظهير غير أنفسهم وتبرأ منهم ظلهم فلم يذهبوا ليتفقدوا حال من خرجوا بإسمهم وتكسبوا بإسمهم ونالوا العطايا باسمهم ويبكون بكاء الثعالب وهم يحكون ما حاق بهم فتاجروا بأهلهم وأكلوا من لحومهم ولا يهمهم حيا ولا عندهم حرمة لميت ، فكانوا كما رأيتم وشفتموا ، فحاكم إقليم لا يستطيع أن يمشي فيه ولو بقرب الحيط ووزير مالية يضع أثقال علي أثقال علي كاهل شعبه بينما هو يرفل في الدمقس وفي الحرير ، هذا هو المشهد وذلك هو إتفاق جوبا الكارثي الذي حمل الممبته والمقوذة والنطيحة وما أكل السبع وما حمل السيل من زبد رابيا ، ثم مسارات ليس لها حادي ولا دليل نداؤها مكاء وتصدية وقد فقدت صوي الساري فسرت الحمي علي جسد الوطن فما تقع فتنة إلا كانت أخري بعدها أكبر منها ، فقد أتي بالمسارات أو إن شئت قل المتاهات ولعمري ذلك هو الأصح إذ جلبت في طياتها الفتن ما ظهر منها وما بطن حين حملها ودعا لها غريب الوجه واليد واللسان ، فكيف يكون الحال اذا لم نكن قدر المسئولية حتي نقف علي أرض ثابته ونحفظ البلاد من قادم أسوأ إن مضي الأمر هكذا ثم لسان الحال حينها يردد بقت النهاية المحزنة ، صدقني ما بقدر أعيد ، فكانت تلك قصة حب وغرام بالشوق بدت ، وهذا فناء أمة ونهاية وطن ، فمتي يا تري تكون الحصة وطن ؟؟
محمد عثمان المبارك