بداوة الحياة .. رغد العيش وهذا الرضا والتوكل
الكهربا ما ريحت .. فتح المدارس دا بعطل اعمالنا ..
سيف الدين البشير
لبن بدرة جيتانا .. علب الفرطا .. والكسرة السمراء .. الداخليات وكفالة الطالب حتى يتخرج . ويومئذٍ لم نكن ذوي عهد لا بالكهرباء ولا الرغيف . يفعاً كنا نسهم في الزراعة مع الآباء .. الصغار لسواقة الساقية والدرفون النجيض للواسوق ورفع الجدول الضكر .
ومع قناعة الآباء بالدراسة فقد كانت هاجساً .. يفرحون لنجاح الأبناء ويتمنون إجازةً أطول . خلال اجازة نصف العام يسهم الأبناء في شتالة البصل ، وخلال الإجازة “الكبيرة” في حصاد “قلع” ذات البصل ..
المدارس يضبط بها التقويم من حيث عودة الطلاب من الأولية حتى الجامعة الثاني من يوليو من كل عام حيث الناس على أعتاب الخريف .. هو موسم تتعاظم الحاجة فيه لرعي السعية وتوفير أعلافها المهمة التي يبرع فيها “أولاد المدارس” .. “الله يقلعا ، المدارس جات تعطل اعمالنا” ؛ يهتف الآباء .
خلال التسعينات تمددت الكهرباء وبلغتهم فهتف أحدهم متذمراً “والله الكهربا دي ما ريحت تب” ..
- هههه كيف الكلام دا يا حاج ؟ ..
- زمان الشفع ديل كباية لبن المغرب وينومو ، بعد الكهربا الليل كلو يبحتو في المتبخ ، تصحا تلقاهم ما خلو الحبة .
والتأمين الغذائي هو مسئولية الأسرة .. مونة السنة .. تلاتة شوالات عيش ، ونص شوال ويكة يابسة ، وشوال تمر ..
المجتمع ينام غرير العين بمعزلٍ عن الضجيج وهم المعايش وسهاد المرض ، ولكل داء دواء شعبي .. حلبة .. حرجل .. كمون – والكمدة بي الرمدة . وربما أن الزهد في العقاقير المتطورة أدى لزهد الأمراض في التطور .
والأهازيج وقتها كانت تضج بالفرح والتفاؤل والحنان :
الله منك يا زينبو
لهجك البركاوي الحلو
الرجال من كرمي دلو
أما المغادر للدار فقد كان يعاتب بحنية عميقة :
يابا خليتني انا لي منو
انت وصيتلي منو ومنو
والطوح في المتناول :
الرس يا بلال حشاي
جيب لي راس سكر وتمنة شاي
اسقي لي خواتي المعاي
واسقي لي امي حبيبة قساي
وكل ما سبق هو من أهازيج اولاد شايق .
وأشهد أن الشايقية هم أشعر أهل السودان ، ويظل اعتناء شعرهم بالفاصيل ، ونشاطها داخل العمل الشعري ميزةً لا مثيل لها ..
ذلك زمان يحلو الإحتماء في ظله من هجائر الماثل .. جادك الغيث