الرأيمقالات

تقدم: الإمارات تدعم قوات الدعم السريع، وحمدوك لم يكن رئيس وزراء انقلاب 25 أكتوبر

المسار نيوز تقدم: الإمارات تدعم قوات الدعم السريع، وحمدوك لم يكن رئيس وزراء انقلاب 25 أكتوبر

كتب حسام عثمان محجوب

29 يوليو 2024

تحدث الناطق الرسمي باسم تقدم الدكتور بكري الجاك في ندوة أقامها تجمع السودانيين لدعم الثورة بمنطقة ديلمارفا بميريلاند الأمريكية يوم السبت 27 يوليو بعنوان التطورات السياسية وآفاق الحلول للأزمة السودانية، وذكر أكثر من مرة أنه يتكلم بصفته ناطقاً رسمياً باسم تقدم. هذا التأكيد صار يتكرر كثيراً في ندوات بكري ولقاءاته الأخيرة، وأظنه يفعل ذلك ليعطي وزناً لآرائه باعتبارها الموقف الرسمي لتقدم مع علمه بالمواقف المتباينة لمكونات تقدم جماعاتٍ وأفراداً، حيث ذكر في إحدى إجاباته في نفس الندوة أن المنظمات السياسية تحاكم بموقفها الرسمي وليس بمواقف عضويتها. وربما يفعل ذلك لعلمه بهشاشة موقعه في هياكل تقدم وعدم ثقته في وجود حلفاء يمكن الاعتماد عليهم في المعارك الداخلية المستمرة في صفوف تقدم.

ليس غائباً عن د. بكري وهو يقول هذا الحديث معاناة تقدم من مشكلتين كانتا ظاهرتين في قوى الحرية والتغيير (قحت) عندما كان هو نفسه ينتقدها في مرحلة ما قبل تأسيس تقدم. الأولى إن مواقف الأطراف الكثيرة المكونة لهذين التحالفين قد تكون مختلفة وأحياناً كثيرة متناقضة وهي تعبر عنها في مواعين متعددة، والثانية عدم الشفافية والوضوح في النقاشات وطرق اتخاذ القرار في التحالفين. فمن المعروف للناس أن هناك أفراداً في قحت/تقدم (شلة أو شلل) أقوى من غيرهم في التحالفين وأقدر أن يفرضوا مواقفهم لتصبح هي المواقف الفعلية لهما بغض النظر عن المواقف الرسمية للجسمين. وعموم الناس يؤسسون مواقف قحت/تقدم على مجموع كلام السياسيين والإعلاميين والكتاب والمؤثرين المحسوبين عليهما وليس فقط على كلام الناطقين الرسميين.

يمكن أن يتفق ناس من مواقع سياسية وفكرية مختلفة مع كثير من آراء د. بكري أو أن يكونوا قادرين على فهم منطلقاته ونقاشها، فهو من الساسة الموصوفين بالذكاء والحصافة على نطاق واسع، خصوصاً بالمقارنة مع كثير من الشخصيات المنتشرة في المجال العام السوداني. لكن بكري يعرف أننا نعرف أن حديثه كناطق رسمي ليس بالضرورة معبراً عن رأي تحالف تقدم، ولا حتى كلام رئيس تقدم د. حمدوك والأدلة كثيرة.

رأيت أن أعلق على إجابته على سؤالين من حديثه في هذه الندوة؛ الأول عن موقف تقدم من دعم دولة الإمارات للدعم السريع والثاني عن كون د. عبدالله حمدوك كان رئيس وزراء انقلاب 25 أكتوبر.

قال بكري بالنص عن الإمارات: “ما في خلاف حول المسألة إنه الأمارات عندها مصالح في السودان وقد تكون جزء من هذه المصالح التقارير الجات المثبتة في النيويورك تايمز وفي الغارديان إنها بتساعد الدعم السريع، الكلام ده زي الزول بيقول الشمس تشرق من الشرق”، واختتم جوابه بقوله: “إحنا في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم ما عندنا أدنى تردد في إنه نقول الكلام المفترض يتقال، كونه في زول اتكلم عن حاجة بشيء من الدبلوماسية لسبب ما، قد يكون عنده أسبابه”.

الحقيقة أن دكتور بكري كان من الممكن أن يقول أن هذا رأيه هو، لكن تقدم ليست فقط عندها أعلى تردد في قول مثل هذا الحديث، بل إن رئيسها حمدوك نفى أكثر من مرة دعم الإمارات لقوات الدعم السريع، وذكر أن الإمارات دعمت الانتقال الديمقراطي. وقد قال نفس الكلام بنفس الدرجة من الوضوح أو بصيغ أخرى قيادات أحزاب منضوية تحت تقدم، وناطقون رسميون باسمها قبله، وإعلاميون وكتاب ومؤثرون معروفون بتعبيرهم عن مواقف تقدم أمام الرأي العام. الثقة التي يتكلم بها بكري وهو يقول هذا الكلام لن تنجح في تحويل الصحن لكباية مثل ما ذكر في الندوة. الشعب السوداني والعالم أجمع يعلمون بدعم الإمارات لمليشيا الدعم السريع كما يعلمون أن الشمس تشرق من الشرق، ولكن حمدوك ورموز تقدم وقادتها – غير بكري الجاك – ينفون ذلك ويهاجمون من يصرح بذلك من السودانيين، وللأسف تصدقهم وتتبعهم جماهير غفيرة من أعضاء وأنصار تقدم والأجسام المكونة لها.

وعن كون دكتور حمدوك كان رئيس وزراء الانقلاب دافع د. بكري عن حمدوك متعللاً بمشاكل الحكومة الانتقالية وتحدياتها ومخططات الانقلاب عليها، وذكر أنه “كنا شايفين الانقلاب وكنا شايفين إذا دكتور حمدوك باتفاقه بتاع 21 اكتوبر (يقصد نوفمبر) كان هو بيفتكر إنه ممكن يسهم في إنهاء الانقلاب، وبالمناسبة لحدي الليلة في ناس بيفتكروا إنه كان ممكن ينجح”. وبنفس الثقة التي يحسد عليها بكري قال: “كلنا يعلم أنه المرحلة الانتقالية، كلنا كنا شهود، دي ما أحداث حصلت قبل 100 سنة عشان الناس يجوا يتكلموا عن شهادة فلان وشهادة علان، وقد تتضارب، تتطابق، كلنا كنا شهود على الأحداث دي وما بعيدة”.

فعلاً، هذه الأحداث ليست بعيدة، ولذلك دعونا نستدعي شهادة د. بكري قبل أقل من ثلاثة أعوام بدون تعليق، سوى بعض الحذف وقليل من التصويبات اللغوية.

هذا ما كتبه بكري يوم 10 نوفمبر 2021 قبل اتفاق البرهان حمدوك: “… أمام رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك فرصة تاريخية لقيادة الثورة السودانية في هذا الظرف و التعبير عن تطلعاتها، للرمزية التي تشكلت حوله و لموقفه الصامد في وجه الانقلاب حتى هذه اللحظة … أعتقد أن قوى الحرية والتغيير ومجلسها المركزي لم تعد مصدر إلهام لغالبية السودانيين ربما ولا حتى لعضوية أحزابها، وهذا لأسباب ذاتية تتعلق بتواضع القدرات والمهارات الشخصية والقيادية لجل من هم على رأس هذه الكيانات … ولأسباب موضوعية تتعلق بطبيعة الشراكة التي دخلت فيها قحت مع عسكر لجنة البشير الأمنية وتحملها للعبء السياسي لفشل سياسي حتمي نيابة عن من كان يضع العقبات أمام حكومة “الشراكة النموذجية” في نسختها الأولى والثانية”.

وقبل إعلان اتفاق البرهان حمدوك بيوم (في 20 نوفمبر) كتب بكري: ” … التوافق على تشكيل حكومة برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك وفقاً لشروط التحالف الانقلابي ودون أدنى اعتبار لتطلعات السودانيين … وقدموا ما يربو عن ال 45 شهيداً … فهذا يعني أمرين: أولهما أن رمزية حمدوك ودوره في قيادة الثورة السودانية … تكون قد شارفت على الانتهاء، و ثانيها أن من يفكّر ويصنع هذه التسويات ليس له أدنى معرفة بما يدور في صدور السودانيات والسودانيين في هذه اللحظة من غضب وأسى وحلم بالمستقبل”.

ثم كتب بعد توقيع الاتفاق بيوم في 22 نوفمبر: ” … الإجابة على سؤال لماذا فعل حمدوك ما فعل من توقيعه على ورقة أدق وصف لها أنها موافقة كاملة على الترتيبات الانقلابية وربما أكثر هو غير ذي جدوى لأنه يدخل في محاولة فهم النوايا و الدوافع. في تقديري من الأجدى أن يكف الناس عن وصفه باتفاق فالاتفاق لا يتماهى فيه طرف مع شروط طرف آخر، ما حدث يسمي merger اندماج من غير شروط … اندماج حمدوك في مشروع الانقلابيين … الورقة التي وقع عليها هي تقنين لهذا الاندماج بين شخص واحد لم يكن له وجود في الساحة السياسية السودانية قبل عامين … الغوص في نوايا حمدوك ومدى نزاهته … غير مجدي، فسواءً فعل ذلك باتفاق مرتب قبل الانقلاب للتمكن من حل الحكومة الأمر الذي أراده البرهان لأن الوثيقة لا تعطيه حق حل وتكوين حكومة دون التشاور مع قوى الحرية والتغيير وهذا ما أومأ له وزير العدل قبل يومين من الانقلاب عن وجود تخريج قانوني لحل الحكومة، أو أن الانقلابيين كانوا على وشك الاقتتال … كل هذه النظريات لا تفيد في شيء بما في ذلك نوايا حمدوك ودفاعه عن نفسه … مثل قوله أنه ليس له مصلحة شخصية، وهذا كلام للاستهلاك السياسي فلا يوجد إنسان على هذه البسيطة لا تحركه مصالحه الذاتية …، حمدوك له مصالح شخصية يعرفها هو أفضل من غيره وإذا أردنا يمكن أن نخوض في بعضها في مقام آخر.
الأهم هو ليس نوايا حمدوك و دوافعه في فعلته بادعائه أنها نيابة عن مصلحة السودانيين الذين لم يكلف نفسه بسماع صوتهم قبل أن يوقع على شرعنة الانقلاب.
…. هذا هو الواقع المادي على الأرض وليس بمقدور حمدوك تغييره بانضمامه إلى معسكر الانقلابيين فهو كان رئيساً للوزراء وجالساً على رأس هذا الخراب لعامين و يزيد، وليته يكف عن الحديث عن الانتقال الديمقراطي وحقن دماء السودانيين وغيرها من العبارات الفارغة، فلا دم سيحقن ولا انتقال ديمقراطي سيتم ولا عدالة ستتحقق ولا انتخابات نزيهة ستقوم ولا بناء مؤسسي وإصلاح لجهاز الدولة سيتم بل سيتستمر الفساد و التهرب من العقاب. البناء لا يتم بالخطب وبالتمني وبالمرواغة وبادعاء الحكمة بل برؤية واضحة و شفافة وتشاركية يصنعها أصحاب المصلحة في التغيير من السودانيات والسودانيين وبآليات محددة ومعرّفة ومتوافق عليها”.

وكتب يوم 23 نوفمبر: “… تطبيع و تسويق اندماج حمدوك في السلطة الانقلابية وليس توقيعه اتفاق. لا يعنينا إذا كان حمدوك سياسي محنك او قائد فلتة أو نزيه أو خائن أو زوج مثالي، ما يعنينا أن نتائج اندماجه في السلطة الانقلابية في ما سمي باتفاق لا تضع البلاد في مسيرة الانتقال الديمقراطي بمعايير الواقع المادي المعاش، أما حجة أننا ليس لنا قوة لهزيمة العساكر وأنهم مسلحون لذا فلنحقن الدماء فهذا نفس المنطق الذي كان يقول به المخذّلون أيام عنفوان الإنقاذ.”. وكتب: “دعم حمدوك هو دعم السلطة الانقلابية بعسكرها ومدنييها وحركاتها المسلحة “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى