تحقيق
خسائر المظاهرات : إتلاف 463 بين عمود كهرباء وإشارة مرور الى تدمير البنية التحتية
امال حسن
جريده الصحافة
كشفت الوقائع والاحداث التي اعقبت عملية التغيير في السودان، أن إرادة التغيير قد نجحت في إسقاط النظام البائد وتغيير المشهد السياسي في البلاد، لكن إدارة هذا التغيير، لم تستطع معالجة مسائل الانتقال والتحول المطلوب خلال الفترة الانتقالية، مما أدى إلى إستمرار الإحتجاجات، مع ارتفاع مطالب المحتجين المتباينة، وقد شهدت هذه التظاهرات والاحتجاجات خروج عن السلمية وصاحبتها عمليات عنف ممنهج و تكسير وتخريب للمرافق العامة والخاصة، الامر الذي ألحق اضرارا كبيرة بالمرافق واملاك المواطنيين ، فضلاً عن تعطيل عمليات الانتاج وتدهور الاقتصاد والتسبب في إحجام المستثمريين وتوقف بعض المشروعات.
إن الخسائر الكبيرة التي تسببت فيها التظاهرات المستمرة حتى الآن، وما احدثته من تخريب واعاقة حياة الناس، حاولنا من خلال التحقيق الصحفي الكشف للقارئ السبب الحقيقي وراء استمرار هذه الظاهرة ومعرفة حجم الخسائر التي لحقت بالاقتصاد والبنية التحتية والاجتماعية والأمنية، مع محاولة بيان طرق العلاج.
ونظرا لعدم وجود تقارير تتحدث عن جملة عمليات التخريب التي طالت المنشآت العامة والمؤسسات الخاصة في ولاية الخرطوم من اتلاف لسيارات الشرطة وحرقها والاعتداء على اقسام الشرطة وقتل “العميد بريمة وآخرين”.
(٤٦٣) عمودا واشارة مرور ضمن الخسائر ..
احصاءات غير رسمية قدرت حجم الخسائر في اعمدة الانارة والاستوبات ب(٤٦٣) عمودا، بينما حدث إتلاف غير محدود “للترتوارات” و”الانترلوك”، بجانب تلف الشوارع الاسفلتية.
الاعتداء على الشرطة
تمثلت خسائر الشرطة في حرق السيارات والمركبات وقتل الافراد والاعتداء عليهم وتعذيبهم واذلالهم وتخريب الاقسام الشرطية والعبث بمحتوياتها ونهبها وسرقة السلاح واتلاف يوميات التحري واطلاق سراح المنتظرين في الحراسات.، كما أنه تم أيضا إستهداف القوات المسلحة و الاعتداء على فرادها مما ادى استشهاد وسط هذه القوات. ويفسر الدكتور عوض الطيب اختصاصي الطب النفسي ظاهرة الاعتداء على الأجهزة الأمنية بأنه محاولة لاضعافها وزرع الشكوك في أفرادها وزرع الفتنة.
الطرق
تأكد لكثير من الناس بان حجم التخريب الذي لحق بالطرق داخل ولاية الخرطوم جراء عمليات التتريس وتقليع الانترلوك واعمدة الانارة ولوحات الاعلانات وسرقة الكوابل الكهربائية وتعطيل حركة عملية الانتاج والدراسة فقط كان كبيرا،وقد استغل المجرمون الحركة الاحتجاجية وقامو بتنفيذ عدد من السرقات بحسب ما وثقته مقاطع الفيديو ، الامر الذي يؤكد، بحسب المحلل السياسي الدكتور محمد عبد الرحمن، سيادة العنف في المسرح السياسي ، كعمل مدروس من خلال استمرار التظاهرات الممنهجة، وهذا لا يحقق التحول الديمقراطي المأمول ، بل يهدف إلى دفع الأمور نحو الفوضى بسرعة شديدة، مبيناً أن السودان الآن أمام لحظة تاريخية مفصلية وحاسمة، تتطلب وضع مصلحة الوطن وأمنه واستقراره فوق مصلحة الجميع.
الخسائر الاقتصاية- الناير يعدد الخسائر والاضرار
عدد دكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي، الاضرار التي الحقتها التظاهرات وعمليات التتريس بالاقتصاد السوداني، مبيناً أن الاحتجاجات إعاقت حجم التجارة مع مصر الذى يبلغ حوالي مليار دولار سنوياً من الصادارت والواردات.
وقال إن استمرار التظاهرات الداخلية اعاقت حجم التبادل الاقتصادي بصورة عامة مثال عرقلة دولاب العمل في الدولة بتعطل المؤسسات الخدمية ومنعها من أداء واجبها بالصورة المطلوبة، وخلقت صعوبة للعاملين من الوصول إلى أماكن عملهم وبالتالي تعطل الإنتاج والإنتاجية.
وقال ان حجم الخسائر الاقتصادية للاحتجاجات كبير جداً في القطاعين العام والخاص، وعلى العاملين في القطاع الخاص، ولها تاثيرات سلبية مباشرة على الإقتصاد السوداني بصورة كبيرة، وقال لابد إن يتنازل الجميع ويتوافقون على اعلاء المصلحه العليا للبلاد علي المصالح الذاتية و الحزبية والقبيلة .
اما في مجال الثروة الحيوانية، فقد بلغت خسائر صادر الثروة الحيوانية 3 مليون دولار خلال شهر، نتيجة إغلاق الميناء وفقا لما ذكره حافظ عبد النبي، وزير الثروة الحيوانية والسمكية، مبينا ان قطاع صادر الثروة الحيوانية تكبد خسائر فادحة؛ جراء استمرار إغلاق شرق البلاد، تقدر بنحو (83) مليون دولار خلال شهر واحد.
وقال كان من المفترض أن تكون عائدات لصادر الماشية للسعودية ودول الخليج، مبيناً أن الخسائر من إيرادات الرسوم المحلية لصادر الثروة الحيوانية، تبلغ (120) مليون جنية بسب الإغلاق.
رؤية لجان المقاومة
اما موقف لجان المقاومة من استمرار التظاهرات والتسبب في مزيد من المعاناة للشعب السوداني وتدمير البنية التحتية والاقتصاد،وازهاق الأرواح بسقوط مزيد من الشهداء.! فترى مركزية لجان مقاومة الخرطوم إن اغلاق الشوارع هو تعبير سلمي ويأتي بهدف حماية المحتجين من عمليات الدهس التي تقوم بها القوات الأمنية.
بينما يقول المواطنون إن اغلاق الشوارع يعطل حياتهم ويصعب عليهم الوصول إلى أماكن عملهم ويعد ذلك انتهاكا لحريتهم وفق وصفهم
في المقابل وصف مراقبون التظاهرات بانها خرجت عن سلميتها بصورة ملحوظة وذلك من خلال عمليات إزالة الرصيف واغلاق الشارع بأعمدة الأنارة، إضف إلى ذلك عمليات تكسير المرافق العامة مثل أقسام الشرطة والمرافق الدستورية.
ووثقت عملية حرق قسم الصافية في ديسمبر الماضي والذي اتهمت فيه لجنة تنسيق شؤون الأمن ولايه الخرطوم (٢٠٠٠) شخصاً بالإعتداء على قسم شرطة الصافية بحري
في الوقت الذي قالت فيه لجان أحياء بحري إن السلطة أقدمت بعصابات مدفوعة لحرق قسم شرطة الصافية واعتبرتها محاولة لجر المتظاهرين إلى مربع العنف.
كما وثقت عمليات تخريب في نوفمبر من العام ٢٠٢١ بشارع الاربعين بأمدرمان والتي أقدم فيها مجموعة من المتظاهرين بإلقاء عبوات حارقة “الملتوف” على أفراد الشرطة مما أدى إلي وقوع إصابات بين صفوف الشرطة،
َوقد أدانت السلطات السودانية بدورها، مثل هذه الحوادث بشكل متكرر، وتقول إنها تحقق فيها، لكنها لم تعلن النتائج حتى الآن.
اما الأمر اللافت للانتباه هو إغلاق الشوارع، اثار جدل كثيف حول حرية التعبير، وحرية الآخرين في التحرك واستخدام الطرق.
مواكب فض الاعتصام تعطل حركة المسافرين
تسببت مواكب ذكري فض الاعتصام في يوم الجمعة الموافق الثالث من يونيو2022م ، في تعطل رحلات الطيران الخارجية والداخلية وعجز كثير من المواطنين من اللحاق برحلاتهم مما أوقع بعضهم مباشرة تحت تهديد الفصل من العمل، ودخول البعض في حالات صدمة نفسية ونوبات بكاء بسبب عدم اللحاق بالرحلة وضياع تذاكر السفر.
وقال مواطنون إنهم سيتخذون إجراءات قانونية بسبب تخلفهم عن اللحاق برحلاتهم ومطالبة شركات الطيران بإعادة قيمة التذاكر.
وقال مغترب بالسعودية انه من المفترض أن يداوم بعمله في اليوم التالي مباشرة بالرياض بعد انقضاء إجازته ولكنه لم يلحق بالطائرة وسيؤدي ذلك لفصله من العمل.
فيما دخل العديد من النساء اللائي لم يلحقن برحلاتهن في نوبة بكاء حادة.
ويعلق الدكتور عوض جبريل الدومة الخبير القانوني بقوله: ” على الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة عن الخسائر الناجمة عن تعطيل حركة المسافرين ، إلا انه لا يوجد ادني شك في تسبب المواكب في خسائر فادحة وباهظة للمسافرين ، فضلا عن الخسائر الاخري المتمثلة في الإتلاف والتسبب في الإصابات وسقوط الضحايا الأبرياء.
وذكر تقرير للبنك الدولى اعده ممثلوه في السودان، بالتنسيق مع وزارة المالية، بان السودان يخسر نحو 9 ملايين دولار يوميا، بسبب المظاهرات، كما يؤكد التقرير الذي يتفق معه قطاع كبير من المهتمين بالشأن السوداني بأن حجم الهدر في الموارد بسب التظاهرات وضياع ١٤ يوم عمل من كل الشهر، فضلاً عن الخسائر الناتجة عن إغلاق الطرق والجسور مما يكلف استهلاك الوقود ويصعب الوصول إلى أماكن العمل عبر تكاليف اكبر من الوضع الطبيعي.
كما أن الخسائر البشرية والاعاقات المحتملة في المظاهرات.
ومن الخسائر الاقتصادية يشير البنك الدولي في تقريره بأن المنظمات تصرف ٦٠ الف دولار يوميا لتسيير أنشطة مناهضة للحكومة تتصل بدعم الانتقال. وقد تحدث التقرير عن ضياع الفرص الاستثمارية على السودان في مجالات الزراعة والصناعة والطاقة، وقال إن حجم الصادرات انخفض بنسبة ٨٥٪.
وكذلك تشير بيانات البنك المركزي، إلى انخفاض صادرات السودان من الحبوب الذيتية إلى ٢٩٣ مليون دولار في ديسمبر ٢٠٢١.
يجمع خبراء الاقتصاد بأن الاقتصاد السوداني، خلال الفترة الماضية وبسبب الاحتجاجات فقد ٣٠٪ من قوته وارتفع التضخم إلى ٣٥٩٪ عام ٢٠٢١م، بينما انخفض الناتج المحلي ل ٢٤ مليار دولار في ٢٠٢٠ م، بنسبة ٧٧٪، وانخفاض نصيب الفرد من الناتج الإجمالي وبالتالي ارتفع عدد المحتاجين للغذاء من ٥،٨ مليون في عام 2018 إلى ١٣،٤ مليون جائع في العام 2021.
وتوضح المعلومات والحقائق التي توصل إليها التحقيق من خلال لقاء عدد من الخبراء والمختصين في مجال الاقتصاد والطب النفسي والأمن ولقاء مركزية لجان المقاومة الذين رفضوا ذكر أسمائهم، أن حجم خسائر السودان جراء استمرار المواكب وإغلاق الطرق، كانت كبيرة وان استمرار الاحتجاجات، كما عكسه آراء المختصين الغرض منه شل قدرة السودان الإقتصادية وارجاعه
للوراء بتعطيل حياة الناس، فضلاً عن زعزعة ثقتهم في المنظومة العسكرية وهي الحامية للبلاد والأمن القومي والإقليمي بما يضمن حفظ الأمن والسلم الدوليين، وبالتالي زعزعة وهز الثقة في المكون العسكري لها انعكاسات وارتدادات سالبة على الاستقرار مما يشير الى أن أحد أهداف استمرار التظاهرات جر السودان وايصاله لمرحلة الفوضى.
التحقيق وضح أن اسباب الخسائر وطرق الحل مصحوبا بالملاحظات والشواهد على أرض الواقع، كما فسرها المختصون من خلال وقائع التحقيق تتصل بالحاق اكبر ضرر بالبلاد واضعافها وزعزعة مكوناتها لنشر الفوضى وتنفيد مشروع تقسيم السودان إلى دويلات متصارعة ليسهل نهب الثروات والموارد.