دكتور نادر العبيد يكتب
زين العابدين ود الريح .. دانت له عيون الكلام فنظمه رقرارقاً دفاقاً مثلما نمير الماء ينساب – هَوناً – في جدول .
هو شاعر مثيلات “عصفور الكناري” و “البص الجابك أمونة” .. يمضي بذاكرتك – ومايزل في عنفوان شبابه – نحو سوح الكبار الذين ما يزال المطربون يستهلون سلم الغناء عبر ترديد مأثورهم الغني بالفضائل ..
قال عنه مغنٍ من أزمنة “القونات” : أنه “ما كان يعرف لولا أن تغنيت بشعره”
ذلك مغني لا يذاكر حتى كتاب الغناء ، ويسقط من سطروا في لوح الشعر والغناء السوداني أروع الملاحم ، وكيف يبادل بعضهم البعض أقصى طاقة الاحترام .. محمد الأمين هل قدح يوماً في الراحل فضل الله محمد ؟ .. وأي أواصر جمعت بين عثمان حسين وباذرعة ، وقيمة الاحترام بين وردي واسماعيل حسن ! .. هل ذاكر المغني سير هؤلاء ؟ .. هل كان إدريس جماع سيسقط سهواً إن لم يتغنى كبار المطربين بشعره ؟ .. والخليل وأي حبٍ وعرفان حفظه له كبار المطربين ؟ .. وكيف كان الفن السودني سيمضي بمعزلٍ عن ابو صلاح و الخليل وعتيق والمساح زغيرهم ؟ ..
المغني الذي لا يذاكر أدنى قصص الفن يتهجم في صفاقة على شاعرٍ يتغنى بكلماته ، شئ يشابه أن تتنكر الأغصان لجذور الشجرة ، وتتناسى الأغصان أنها تتساقط في المواسم لكن الجذر يبقى ليمنح الساق حرفة التجدد ..
الشاعر الحق ليس بحاجة لمن يتغنى له لتألفه حواس التطريب .. نذار قباني تغنى له أشهر المطربين وهل كان سيسقط سهواً من ذاكرة الكلام لو لم يتغنى بكلماته هؤلاء ؟ .. وأمير الشعراء شوقي ؛ ويا جارة الوادي طربت وعادني …. وامرؤ القيس .. وتعلق قلبي .. وهيام يونس ..
وهل سقط أبو الطيب والمعري والبحتري وابو تمام وجرير من دفاتر الأدب أن لم يتغنى أحدٌ بكلماتهم ؟ ..
الشاعر زين العابدين ود الريح ؛ لا تحزن ولا تستغرب .. هذا زمان يخطب فيه الصغار ود الشهرة بالتصريحات السمجة .. زمان القونات ونبيح الساكس الممل السمج ، واهتزاز الجوارح في لزوجةٍ وابتذال .