رأي البرهان في لجنة التمكين
الدكتور عمر كابو
كل ما توفرت لدي من معلومات انحصرت في أن السيد الرئيس البرهان قد صرح في إفطار الفريق ياسر العطا الذي أقامه بمنزله أكد من خلاله بأنه اجتمع مع سعادة رئيس القضاء والنائب العام وطالبهما بوضع الترتيبات والتدابير الكافية والكفيلة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في مدة لاتتجاوز يومين أو ثلاثة٠
ذاك ما رشح من أنباء ومعلومات عن هذا الموضوع في الوسائط المتعددة ٠يبدو أن من قام بتصميم الخبر بذل جهدا مقدرا وهو يعمد لبتر أو إخفاء جزء من الحديث في تلك المناسبة لدواعٍ مفهومة له خفيت علينا؛ سيما أن الخبر قد جاء خلواً من كل توثيق حين غابت (الكاميرا) ولم يعرف من هم الذين خاطبهم سيادته بهذه التصريحات وماهو جوهر ماخفي من حديث قال به الرجل؟!
ثمة ملاحظات قد تصلح لإجلاء الغموض وكشف ذاك المخفي والمستور٠
وأول هذه الملاحظات إصرار السيد الرئيس البرهان علي ترديد كلمة (لجان المقاومة) في ثنايا تصريحاته المعلنة؛ هذا التكرار ليس له من تفسير حسب علماء الإجتماع الذين يذهبون لتصنيف تكرار المتحدث لبعض الكلمات سوى إبداء الإهتمام والتركيز ما يعني أن غالبية ضيوف الإفطار كانوا (قحاطة) أراد طمأنتهم واظهار الإهتمام بهم٠
أما الحقيقة الثانية والمهمة هو أن الرئيس البرهان قد وضح تعرض تصريحاته تلك لشئ من البتر والتشويه فاخرجت من سياقها لتخدم غرضا معينا وهدفا مرسوما وفكرة محددة٠
فلا يعقل أن يوجه البرهان بإطلاق سراح لجنة التمكين التي قتلت وسرقت ونهبت وصادرت ووفتشت وسجنت وأسأت لخصومها وشهرت بهم٠من منطلق أنه لايحق لأي شخص في هذه الدنيا مهما سمت مكانته وبرز نجمه وعلا شأنه أن يوجه بضرورة إطلاق سراح لجنة التمكين الفاسدة التي أفسدت الحياة السياسية ومزقت نسيجنا الاجتماعي الموحد؟؟!!
من هنا بدت الحاجة الملحة لضرورة التفرقة بين معتقلين سياسيين تنمرت عليهم لجنة التمكين واستهزأت بهم وشيطنتهم ازدراءً وتبخيساً ونهبت كل أموالهم باسم الشعب السوداني ثم حولتها لمنفعتها الشخصية وجيوب أفرادها دون احساس أو شعور أو مراعاة لأحوال الشعب السوداني الذي يمر بأسوأ حقبة مرت عليه جوعا وضنكا ومسغبة؛فهؤلاء الرجال ظلوا رهن الاعتقال السياسي والحبس والظلم والخسف أكثر من ثلاثة الأعوام منهم من قضى نحبه في السجن(الشهيد الشريف أحمد عمر بدر والشهيد اللواء عبدالله حسن أحمد البشير والشهيد الزبير أحمد الحسن نموذجاً) ومنهم من لم يتم التحري والتحقيق معه أكثر من سنتين (محمد حاتم سليمان والفاتح عزالدين وعبدالرحمن الخضر نموذجاً) ومنهم من ظل يتردد على المحاكم أكثر من ثلاثة سنوات في بلاغات كيدية لم تتوفر لها أدنى ضمانات المحاكمة العادلة مثل (بلاغ انقلاب ٨٩)٠
هولاء جميعا يجب إطلاق سراحهم فورا والاعتذار لهم إن أراد القائمون على أمر الحكم دعم وعون السماء فما رأيت عون الله وسنده ولطفه ورحمته يؤتي لظالم جائر طاغية مستبد يبطش بالعباد٠ تلك جماعة مظلومة على النحو الذي بينا يجب ألا نقارن مركزها القانوني بأعضاء لجنة التمكين الفاسدين المجرمين الذين مردوا على النفاق والفساد ودين الله ونهبوا أموال الشعب ظلماً وحيفاً وتسلطاً وفساداً وبالتالي ليس لهم مكان إلا السجن فقط عبر ردهات المحاكم حيث القضاء الطبيعي العادل الذي جاء الوقت ليقرر ويبت في بلاغاتهم الكثيرة ويقول كلمته فيهم ويصدر أحكامه الرادعة عليهم حتى يكونوا عظة للمجرمين البغاة الطغاة الفاسدين الذين يأكلون أموال الناس بالباطل باسم الثورة٠
مقام نؤكد دعمنا لخطوات وجهود البرهان الحثيثة وسعيه لجمع وتوحيد أهل السودان على كلمة سواء وإعلان المصالحة الشاملة التي تأخرت كثيرا؛ مع التأمين الكامل على أهمية الفصل بين المعتقلين السياسيين وبين مجرمي لجنة التمكين٠ لأن أعضاء اللجنة ليسوا بمعتقلين سياسيين إنهم لصوص مكانهم الطبيعي السجن المؤبد إن لم يكونوا للاعدام أقرب٠
ننطلق في ذلك من معرفة وثيقة بإرادة الشعب الذي عبر عن رفضه التام للظلم والحيف الذي تعرض له رموز الإسلاميين بالاعتقالات التعسفية فتدافع تلقاء ذلك وبعفوية عجيبة مرحبا باطلاق سراح بعض رموز الإسلاميين فالحشود الضخمة الهادرة التي شاهدنا جسدت رفض الشارع السياسي للظلم الذي تعرضوا له وأكدت أن الشعب السوداني يعشق العدالة ويرفض الظلم والقهر والتسلط٠ فما على البرهان إذن الا المسارعة في إطلاق سراح أخوانهم الباقين٠ مع كريم التوجيه بالإسراع فورا في تحويل بلاغات لجنة التمكين للمحكمة الجنائية المختصة٠٠ فالشارع السياسي لن يقبل أي إبطاء أو تأخير في تلك الإجراءات أكثر من ذلك مثلما أنه يرفض أي تسوية سياسية تقضي بالعفو عن لصوص لجنة التمكين ذاك حق لايملكه أي شخص في هذه الدنيا وإلا اتهم بالمحاباة والفساد وذاك ما لا نرضاه للبرهان٠
سيدي البرهان نلتمس من سيادتكم توجيه النائب العام فورا بتحويل بلاغات لجنة التمكين للقضاء اليوم قبل الغد لأنه يمثل أشواق الجماهير في أن ترى من كذب عليها وخدعها ومارس معها أقبح أشكال الاستخفاف والابتزاز السياسي و(الطلس) ونهب أموالها يقف حسيرا كاسف البال هزيلا لايقوي على شئ خلف قفص الاتهام ليس معتقلا سياسياً وإنما كمجرم فاسد نهب أموال الأمة٠