رأي حول ميثاق “تأسيس سلطة الشعب” الذي أعلنته لجان المقاومة
خالد الاعيسر يكتب
أصدقاء أعزاء -وبعضهم فاعلين ضمن لجان المقاومة المستقلة- سألوني عن رأيي حول مقترح ميثاق “تأسيس سلطة الشعب”.
وبما أن المقترح قابل للنقاش والتداول بين أبناء الوطن حسب رؤية من وضعوه “وهذا أمر جيد للغاية”، إليكم بإيجاز عدد من النقاط والملاحظات المهمة حسب وجهة نظري المتواضعة:
النقطة الأولى: أجمل ما جاء في المقترح الجديد، أنه فتح باب الحوار مع بقية المكونات الوطنية “الثورية”، وهذا أمر جيد للغاية في ظل انسداد الأفق الحالي وعجز الجميع عن بلورة أفكار توافقية قابلة للتنفيذ تخرج البلاد من الأزمة السياسية الراهنة، وتوقف نزيف الدماء.
وهنا لابد من لفت الإنتباه إلى أن الميثاق حدد أهداف ورؤية من كتبوه فقط (أياً كانوا، شخصيات وطنية مستقلة أو حزبية “متسترة”)، ولهذا من الواجب استصحاب رؤى الآخرين من أبناء الوطن علانية وفي الفضاء المفتوح.
النقطة الثانية: من يكتب نصوص تتصل بحكم وطن تتعدد فيه القوميات واللغات والديانات، ويتحدث بإسم كل هذا التنوع والتعدد الاثني والثقافي والديني، يجب أن يستشير هذا المكون الشعبي العريض والمعني بالأمر إبتداءً (وهذا أضعف درجات الإيمان بالديمقراطية)، وإلا سيكون الوضع أشبه بنهج الجيل السابق الذي وضع كل السياسات في ظل الأنظمة الشمولية، وما سار عليه مؤخراً تجمع المهنيين السودانيين بعد بداية الثورة وتبعته في ذات النهج قوى إعلان الحرية والتغيير مطلع عام 2019.
لكن النقطة الأولى -المذكورة أعلاه- إذا تم تنفيذها بتجرد وصدق ستقفل الباب أمام هذه الملاحظة المهمة.
النقطة الثالثة: من يلغي إتفاقية سلام محروسة بشهود إقليميين ودوليين “كما هو الحال مع إتفاقية سلام جوبا” عليه أن يجهز دوشكاته، وصواريخه، ودباباته وطائراته” للدخول في حرب مفتوحة مع أطراف العملية السلمية الذين وقعوا هذا الإتفاق.. ولهذا فإن من وضعوا هذا الميثاق الجديد لم يوفقوا في ذكر هذه الجزئية الخاصة بالإلغاء.
النقطة الرابعة: من يفكر في إلغاء الوثيقة الدستورية “المشوهة” التي شهدت عليها كل الدول والمنظمات الإقليمية والأممية فقد أدخل نفسه في مواجهة مفتوحة مع العالم وكل الأطراف التي وقعت تلك الوثيقة في الداخل.. وعليه من الأفضل أن تعدل هذه النقطة لتشمل النقاط التوافقية مجتمعة والإبقاء على الوثيقة لتحكم الفترة الانتقالية كما كان عليه الحال “بالرغم من ملاحظاتنا الكثيرة حول الوثيقة الدستورية”، ولكن يمكن تعديلها بالتوافق لأنه لم يعد ممكناً الآن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
النقطة الخامسة: من يحدد رؤية لحكم كل أطراف السودان القصية، وبقبائله وتقاطعاته من زوايا التهميش والإقصاء وتوزيع الموارد القومية ببنود حاكمة يخطها بعض أبناء المركز في الخرطوم فقد أدخل نفسه في مواجهة مفتوحة مع كل أبناء الأقاليم البعيدة وهمومهم المشروعة وقضاياهم التاريخية.
لكن النقطة الأولى -المذكورة أعلاه- إذا تم تنفيذها أيضاً بتجرد وصدق ستقفل الباب أمام هذه الملاحظة المهمة.
النقطة السادسة: لابد من القبول بكل المبادرات ودمجها في رؤية وطنية واحدة متوافق حولها بين الجميع، لأن السودان وطن لكل السودانيين ومن حقهم جميعاً المشاركة في تقرير مصير وطنهم وتأسيس القواعد البنيوية للسلطة والحكم وتوزيع الثروة.
أخيراً وليس آخراً، من المهم جداً الإستفادة من أخطاء الماضي وصولاً للتوافق الوطني العريض والمنشود، وذلك بالاستفادة من تجارب من رسخوا لمفاهيم وضع المواثيق القومية بطريقة أحادية تسيطر عليها نخبة منتقاة من أبناء المركز “في الخرطوم” دون مراعاة لآراء أبناء بقية مناطق عموم السودان.
آمل أن توفق اللجان في تدارك هذه الثغرات وصولاً للتوافق الوطني وانتشال السودان من الاستقطاب المدمر.
التحية للجان المقاومة السودانية، وقد ظلت رأس الرمح في النضال الثوري وتقديم التضحيات، والرحمة والمغفرة لشهداء الثورة السودانية وعاجل الشفاء للجرحى والعودة للمفقودين.
والله ولي التوفيق
خالد الإعيسر
28 فبراير 2022