زُمبارة اب جيقة !
من أعلي المنصة
ياسر الفادني
يحكي أن رجلا يلقب (بي أب جيقة) ! يسكن في قرية نائية من قري الريف السوداني ، عندما تشرق وتظهر الشمس قرصها الذهبي صباحا همه الأول هو كيف يجد قصبة يصنع منها زمبارة ، وعندما ينتهي من صنع الزمبارة وينفض بقايا القصب الدقيقة التي علقت بجلابيته يرفعها ويعزف بها ، كل مرة يعزف معزوفة يقول أنها جديدة لكنها نفس السيمفونية القديمة التي عزفها بالأمس وظل هكذا يعزف القديم ويخال أنه إبتدع جديدا ، صار مضربا للمثل في قريته عندما يكرر الشخص الكلام يقال له : ( بقيت زي زمبارة اب جيقة ) !!
هكذا الوضع السياسي في هذه البلاد كل واحد يدعي السياسة يصنع نفس الزمبارة يوميا ويعزف عليها قديما لا يتجدد ، أربع سنوات والزمبارة السياسية هي نفس زمبارة صاحبنا حفظه الله ! ، أربع سنوات عجاف لا بيع فيها ولاخلة ، أربعة سنوات هي سنبلات أربع يابسات ، ليس فينا رجل يجييء من أقصي مدينة التعقل يسعي ليقل : ياقوم اتبعوا الراشدين واتبعوا الطريق السوي ، ترهات سياسية تظهر هنا وهناك وتشوهات طغت علي وجه السياسية حتي أصبحت لا تتضح معالمه ، كثرت الندوب والهالات السوداء وصار حال البلاد (وشها ينعل قفاها )
أول رمضان بعد الثورة التي لم يستفد منها الشعب السوداني شيئا والتي لم تات بجديد ظهرت معزوفة رمضان بدون كيزان ، ذهب الكيزان وأتت قحتان وكنا كالمستجير من الرمضاء بالنار ، رمضان الذي أتى بعده ظهرت نغمة (حانبنيهو ) من قصبة اب جيقة ولم يبني وطن بل (غطسوا حجرو ولحق ديك السرة الذي نطَّ في حلة العزابة ) ! ، هكذا كل رمضان يأتي هو نفس حال الزمبارة التي فقط يتجدد قصبها لاغير
كل يوم يصبح علينا تفتح زمبارة الأخبار تجد نفس المعزوفة القديمة وإن وجدت جديدا تجد سخف القول والصور الملونة و(المجيرة) التي تتحدث عن نفسها بأنها تثير جدلا في المواقع الاسفرية فستان جديد لفنانة أو رقصة أو لفته وما أكثر اللفتات التي لا يستفيد منها إلا صاحب أو صاحبة الصورة إما استحسانا أو ردما . وما أكثر الردم في هذه الحالة
ما جنيناه في هذه السنوات العجاف هو الاختلاف والتشاكس والصراع ، ماجنيناه هو الجري فقط خلف السلطة التشفي من الغير من أجل الكرسي ، ما حصدناه هو اليرقة التي تخطت طور الشرنقة والمراحل الأخرى سريعا وصارت كائنا حيا يتحدث في المنابر وأمامه المايكات الملونة كتابة والخلفية ذات الخطوط العريضة والكلام (الما بودي ولا يجيب) !
من جاء بعد الثورة هو من نفس الزول !!…. ومن ازيح في أكتوبر من ألعام المنصرم هو نفس الزول !!…. ومن يلهث للسلطة الآن هو نفس نغمة اب جيقة التي كل مرة يعزفها نفس الزول !
إني من منصتي أنظر… حيث لا أري… إلا (دكة) قصب كبيرة يأخذون منها الساسة كل يوم قصبة ليصنعون منها (زمبارات) ! تجتر القديم وتحسبه جديدا وهكذا حالنا صار مثل حال ماتصنعه زمبارة صاحبنا ، عذبتونا والله .