مقالات
صباح الخير.. يا الأمير!!
للعطر افتضاح
- عندما يصبح الجيش حائلاً دون وصولهم إلى مقاعد السلطة يسمى عندهم جيش الحركة الإسلامية، ويوصم بأنه تابع ذليل للكيزان، وعندما يتوافق معهم ويصبح معبراً لوصولهم إلى السلطة يصير عندهم جيشاً وطنياً يستحق المشاركة، ويشهدون له بأنه لعب دوراً أساسياً في التغيير!!
- عندما يمارس حميدتي وجنده عنفهم المعهود ووحشيتهم المعلومة معهم يسمونهم (الجنجويد)، ويطالبون بحَّلِهم (الجنجويد ينحل)، وعندما يتحالفون معهم ويصبحون معبراً لهم إلى مقاعد الحكم تصبح القوة الباطشة نفسها (وطنيةً وينبغي المحافظة عليها لأنها بُنيت بأموال دافعي الضرائب)، ويستحق حينها حميدتي أن ينال لقب الخال!
- عندما يتطلب الأمر حشد الشباب وحضهم على التظاهر بغية إسقاط النظام وتسنم قمة السلطة يصبح الهتاف (الحل في البل، والطلقة ما بتكتل.. بكتل سكات الزول)، وتتعالى أصواتهم (جهّز عديل كفنك.. يا إنت يا وطنك)، وإذا دعا داعي الفداء أن هلموا للدفاع عن النفس والأرض والعرض والمال والأهل في مواجهة تتار العصر الحديث؛ تصبح تلك الدعوة عندهم تسعيراً للحرب، ويطلق من ابتدعوا مصطلح (البل) لقب البلابسة على من يدعمون جيشهم ويساندون أهلهم ويدافعون عن أنفسهم ووطنهم ومالهم وعرضهم!
- لم أجد في حياتي طائفةً أشد تناقضاً وأوفر رقصاً على الحبال وتنقلاً بين الموقف ونقيضه مثل من أثبتت الأيام أنهم على استعداد لفعل أي شيء في سبيل الوصول إلى السلطة، حتى ولو استدعى ذلك التحالف مع الجنجويد ومقاسمة (جيش الحركة الإسلامية) مقاعد الحكم ومنحه منصب رئيس الدولة ونائبه!!
- الغريب في الأمر أنهم وبعد كل تلك الميكافيلية القميئة، والتناقض المزري يجدون في نفوسهم ما يكفي من الجرأة للمزايدة على منتقديهم، ورميهم بتهمة الكوزنة حتى ولو كانوا يعلمون يقيناً أنهم لا يمِتًّون بأدنى صلة للإسلاميين.
- لو كانت للحرب الحالية ميزةً واحدة فستنحصر في أنها استحقت لقب (الكاشفة) الذي أطلقه عليها الزميل الأستاذ عادل الباز، لأنها فضحت تناقضهم وعرّتهم من ملابسهم (قطعةً قطعة) كما كتب الزميل الأستاذ ضياء الدين بلال، بعد إن مارسوا فيها ميكافيليةً عجيبة وغريبة، بدءاً من صمتهم الجبان على انتهاكات الجنجويد، ومسعاهم للتغطية عليها بعدم تسمية مرتكبيها (أحد طرفي الصراع.. قوة مسلحة.. قوة تدعي.. قوة تزعم.. قوة ترتدي أزياء) وهلم تدليساً وتهرباً من تسمية المعتدين الغاضبين، مروراً بتبنيهم لكل روايات المتمردين، واصطفافهم ضد الجيش ورفض ونفي كل ما يصدر عنه، وانتهاءً بمحاولة مساواته مع الجنجويد في الانتهاكات، مع أن الشواهد كلها تدل على أن لا وجود البتة؛ لأدنى مقارنة بين هذا وذاك.
- حالياً لم يعد يجدي الإنكار، بعد أن تفاقمت الانتهاكات وتناسلت الجرائم المروعة وفاحت روائحها النتنة وأزكمت الأنوف وعمت أخبارها القرى والخبر وتبارى المجتمع الدولي وغالب وسائل الإعلام العالمية في فضحها وإدانتها ونقدها، فاضطروا إلى المجاهرة بالإدانة، والجهر باستنكارهم لها (مقرونةً بالحديث عن انتهاكات منسوبةً للجيش)، لتنطبق عليهم سِيرة: (بعد أيه).. و (من بعد ما فان الأوان).. و (في الليلة ديك).. و (ما بصدقكم).. وصباح الخير يا (الأمير).. والمقصود هنا أمير ميكافيللي وليس (الحبك شغل الضمير)!!
د. مزمل أبو القاسم