فبعدا للقوم الظالمين …
محمد عثمان المبارك
جرأة ليس بعدها جرأة ووقاحة ليس فوقها وقاحة وقد لبسوا فينا عدد سنين كانت أسوأ من عام الرمادة حشرتنا حشرا في بيت إبن أبي سلول وقد طفح فيها النفاق وسال الكذب وانتشر الدجالون والربالون وقارعة الفنجان وقارئة الكف ومع كل صباح نضرب كف بكف ، وهنالك الذين يحلمون والذين للرؤية يعبرون وآخرون بتأويل الأحلام عالمين ثم تلفاز به العجب العجاب وأحاديث الغاب التي تكبر أشجارها وغزالة طائعة ربها تجري نحو المجاهدين ولسان حالها يقول فديتك أيها المجاهد فلتكن بطنك مستقري ومثواي ، وقرود مصفحة كاسحة للألغام بأمر ربها ، وشهيد دمه يفوح مسكا وبشير يهرول لذوي الشهيد فرحا ، ثم عرس في بيت أمه المكلومة وزوجته المرملة الحزينة ساكبة الدموع السواجم وعرس تغيب عريسه ولم نر عروسه وليس فيه مأذون ولا شهود ، وما لبثوا إلا قليلا فبانت سوءاتهم وانكشف سترهم فأكلوا التراث أكلا لما ونهبوا المال نهبا عجيبا وبذلك شهد عرابهم ، فقد كانوا جوعي وأغلبهم تشتكي بيوتهم قلة الجرزان وقد صدق فيهم قول سيدنا علي إنهم قوم شبعوا بعد جوع فالشر فيهم أصيل والخير فيهم دخيل ، ثم ركب في سرجهم المقلوب حدثاء الأسنان وسفهاء الأحلام الذين يزيفون حديث خير البرية ويخرجون من الإسلام كما يخرج السهم من الرمية ، فكان ما كان من الحجي والكجور وتكبير حجر وسحاب يظلل وكثير من الذين يعلمون وضعوا الخمسة علي الإثنين ولم ينبسوا ببنت شفه ، وهكذا سرنا ثلاث عقود عجاف جرفت فيها البلاد ورحل الجنوب ونيران في دارفور مازالت مشتعلة وجنجويدا خنجرا مسموما في خاصرة البلاد ونار تحت الرماد في كل ناحية ولا نريد أن نتحدث عن السلب والنهب ومشاريع دمرت وسكة حديد شلعت وتعليم تردي وطلاب أحيوا الألف الميته بعد موتها فصارت لكن ( لاكن ) وذلك ( ذالك ) فمشي الجهل في ربوع البلاد وانتشرت الشهادات المضروبة وضربت الأخلاق وقطع وتينها حتي سمي سارق الدولة شاطر فتفشي في دواوينها الفساد ، وموظف في المحلية بني إرم ذات العماد ، وضابط كبير وفي لقاء تلفزيوني يريد أن يقول ساعة الذروة ، فيقول ساعة الرشوة ، وقد جري لسانه صدقا وأظهر ماهم فيه من تردي ، ثم في شهر فضيل مشهور من الجماعة ومع أربعة فتيات سويا ذهب بهن الي شقة قصيا وفعل ممدودا ومقصورا وتلك حكاية قوية ، فقد سودوا صحائفهم وفاقوا سوء الظن العريض ، وما كتبته هامش القول وكثير من الناس يقولون ما خفي أعظم ، فجنكيزا خان في حيرة من أمره وابليس يبكي من قلة تعليمه وحيلته ، ثم في هذه الأيام يظهرون وبالحديث يتمشدقون ألا ساء ما يذرون فقد جلعوا بلادنا التي يتوسطها سليل الفراديس شاحبة الجروف وجزيرة بيضاء قطنها يسر الناظرين بورا بلقعا ، ولعلهم أصبح مثلهم مثل الفأر الذي وقع في زير المريسة وخرج حد الثمالة ورأي القط فأرا فضربوا طبولهم وقالوا ( أمريكا روسيا قد دنا عذابها علي إن لاقيتها ضرابها ) فارجعونا الي العصر الحجري ، ثم اليوم يظهرون فللشعب ذاكرة فقد قسمتم البلاد وقتلتم مجدي في ملك يمينه وهذا يكفي أن يسربلكم باللعنات ، فاصمتوا واستغفروا ربكم فقد كنتم قوما خاطئين واستغشوا ثيابكم خجلا ، فقد إغترفت يداكم إثما كبيرا ولا مكان لكم في أرض السودان فقد خربتموها خراب سوبا وما الذي نراه اليوم إلا أنتم له سبب فلا عودة لكم وقد إقتلعكم الشعب من أرض السودان إقتلاعا
فبعدا للقوم الظالمين .
محمد عثمان المبارك