قرارات البرهان سليمة قانونا وعدالة..وتصريحات رئيس جامعة الخرطوم المقال خطأ يثير الشفقة..
الدكتور/ عمر كابو..
مما لاشك فيه أن الوصول إلى الأهداف وبلوغ كمال المرام رهن برسم دقيق وفق منهج سليم وغايات نبيلة وكل ذلك لن يتوفر إلا باتجاه العلم والمعرفة..
ولما كان الأمر كذلك كان عسيرًا على مثلي قبول فكرة قيام ثورة ((حقيقية)) تغلق الجامعات في عهدها ثلاث سنوات متوالية دون أن يخرج أحد رموزها ليحدث الناس ويعبر عن قلقه من عرقلة سيرها وإغلاقها المستمر..
أنعشوا ذاكرتكم جيدًا تجدوا أن كل (القحاطة) وطوال مدة حكمهم الذي تجاوزت الثلاثة أعوام لم يبد أي رجل منهم أو امرأة غضبًا أو سخطًا أو تبرمًا أو حتى امتعاضًا من إغلاق الجامعات.
ملاك الأمر أنهم تعمدوا إغلاقها لكونه جزءًا من مخطط خبيث لئيم يستهدف وعي شعبنا واستنارته وشبابه وطلابه.. أجل بذلت وتبذل أحزاب اليساريين جهدًا مضنيًا في تغبيش الوعي وتجهيل الشباب وتنميطهم ضد العلم والتعلم والتعليم٠٠ فأول مافعلوه هو بذل كل جهد خارق من أجل أن تظل مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي مغلقة لا تستقبل طالبًا ولا تعقد محاضرة..
وحتى يحكموا خطة إغلاق الجامعات تلك جاءوا في معظم الجامعات ولا أقول كلها بإدارات يسارية التوجه والهوى كما في جامعة الخرطوم التي عهدوا بها إلى البروفيسور فدوى عبدالرحمن الشيوعية الملتزمة مديرة عليها والشيوعي الكبير الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان رئيسًا لمجلس إدارتها بالرغم من أنه ظل طيلة فترة تعيينه مقيمًا خارج البلاد ولم يكلف نفسه الإقامة في السودان لينهض بمهمته في تطوير الجامعة والعمل على تقدمها.. وكان طبيعيا أن تتردى الأوضاع فيها إبان عهده لتصل إلى مرحلة أن يتم اعتقال طلاب كلية الآداب لمديرة الجامعة في تصرف يحكي عن العبث والفوضى وفقدان الهيبة الذي ظل السمة المميزة للجامعة منذ ذهاب حكومة البشير المفتري عليه وعليها٠
الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان رئيس مجلس إدارة جامعة الخرطوم (المحلول) هذا ياسادة درس القانون بجامعة الخرطوم لذلك أسفت كل الأسف وأنا أطالع تصريحاته الفجة غير الموضوعية وهو يصف قرارات البرهان التي قضت بحل مجالس الجامعات وإعفاء المديرين بأنها غير قانونية ، ومبلغ الأسف أنه صدر من رجل يفترض أن ينطق لسانه بلغة القانون وأن يحتكم إليه في كل شاردة وواردة ؛لكن أن يرمي الكلام على عواهنه فإن ذلك ليس من شيمة (الكبار) كبار القانون..
يبدو أن الرجل عاش لحظة فقدان اتزان ومر بمرحلة غضب عارمة جعلته لايعني ولايزن الأمور بميزان الحكمة والسداد وضبط النفس والاحتكام إلى صحيح القانون فقد فات عليه أن البلاد محكومة الآن بقانون الطواريء حيث سيادة الأحكام العرفية وبموجبه فقد منح السيد الرئيس البرهان صلاحيات وسلطات تقديرية واسعة تتسع باتساع رؤيته وتقديره للمصلحة العامة وحسن إدارة شؤون البلاد ما يجعل قراراته هذه تدخل في صميم سلطته التقديرية التي حصنها القانون وحماها من الناحية الموضوعية فلم يمنح المحاكم سلطة مراقبتها إلا من الناحية الشكلية فقط((عيب الاختصاص وتجاوز السلطات ونظر مسألة بذل العناية الكافية والغلط البين الواضح))، وهنا يجدر بي إحالته إلى بحث بعنوان حتمية السلطة التقديرية للإدارة واتجاهات القضاء السوداني في رقابتها المنشور في مجلة الأحكام القضائية ١٩٩٨صفحة (٢٧٧)٠٠
هذا من جهة أولى؛ ومن جهة ثانية فقد فات على الدكتور المحترم أن الرئيس البرهان هو من قام بتعيين حمدوك رئيسًا للوزراء مفوضًا إياه بصلاحيات وسلطات محددة حسب الوثيقة الدستورية فبمجرد تقديمه لاستقالته فإن تلك السلطات والصلاحيات تعود إلى البرهان مباشرة بما فيها حق تعيين وحل مجالس الجامعات..
ذاك وحده يجد سنده المتصل في كل اتجاهات الفقه الإداري الذي يدعم بشدة فكرة ((من يملك الكثير يملك القليل)).. فمن يملك حق تعيين وإقالة رئيس الوزراء يملك حق تعيين وحل من يعينهم ويقيلهم رئيس مجلس الوزراء وذلك من المعلوم في الفقه الإداري بالضرورة بداهة حيث يتسق وطبيعة الأشياء..
أجدني في ثقة من أمري لأعلن عن قناعتي التامة بأن قرارات البرهان بحل وتعيين مجالس وإدارات الجامعات يجد سنده القوي في صحيح القانون والوجدان السليم حين تقتضيه وتفرضه عليه مصلحة الطلاب خاصة ومصلحة الوطن عامة٠
ذاك الوجدان السليم الذي يعيب على رئيس ومدير جامعة أن يجلسا ثلاث سنوات دون أن يبذلا جهدًا في إقناع الطلاب والطالبات للعودة إلى قاعات الدراسة..
الوجدان الذي يعيب على رئيس ومدير الجامعة أن يحولا الجامعة إلى مؤسسة حزبية صغيرة لتمرير وتنفيذ أجندتهما الخاصة على حساب مستقبل طلاب السودان في وقت يحتاج الوطن فيه إلى كل خريج ولكل منتج ولكل عامل ولكل جهد..
الوجدان الذي يرفض للسيد الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان أن يدير صراعاته الحزبية والسياسية مع (الآخر) مستغلًّا منبر جامعة الخرطوم..
أكاد أجزم بأن أقوي قرار اتخذه البرهان هو هذا القرار الخاص بحل مجالس الجامعات وإدارتها التي فشلت في مهمتها في قيادة حوار مع الطلاب يعيدهم إلى جادة الطريق وقاعات التحصيل..
سانحة لنهنيء أساتذتنا الأجلاء الذين حظوا بثقة الرئيس البرهان وهو يعهد إليهم بإدارة تلك الجامعات بعد أن أغلقها اليسار عمدا وبسوء قصد فقد سرنا أن نتابع الاستقبالات الحاشدة التي حظي بها المديرون لحظة وصولهم إلى مقار جامعاته أمر سنعود إليه بشيء من التفصيل..
ختاما نحن ننتظر من السيد الدكتور سلمان محمد سلمان المحترم قبل أن يحدثنا عن دستورية وقانونية قرارات البرهان أن يخرج للعلن ويشرح
للكافة أي قانون سمح له بأن يظل في منصبه رئيسا للجامعة بالرغم من إقامته الدائمة في الولايات المتحدة الامريكية وغيابه المستمر عن معظم اجتماعات مجلس الإدارة؟!
ننتظر الإجابة وإن كنا نظن أنه لن يجيب لسبب بسيط فإن إجابته تعني الإدانة القانونية والأخلاقية له في أسمى تجلياتها٠