قرار “برهان السودان”.. احترافي
محمد عبد الله المجيد خضر
قلنا من قبل في عدّة مقالات، إنّ الحراك السياسي المدني في السودان الشقيق، ليس له معنى أو خطة أو رمز يلتف حوله الشعب.
هم ينظمون مظاهرات، لكن بدون أيّة فعالية لانعدام وجود زعيم لهذا الحراك، وإن هذا المنهج لا ينجح اطلاقاً، ويعلقون كل فشلهم على المكون العسكري. ومرّة يدّعون إنه إنقلاب استولى على السلطة، وتارة أخرى يطالبون العسكر بالعودة إلى سكناتهم وتسليم السلطة للمدنيين.
أي مدنيّين يقصدون؟
احترنا معهم حقيقة!
لكن الفريق أول عبد الفتاح البرهان وبعد أن ملّ العسكريّين من الكر والفر والمد والجذب بلا طائل، ومفاوضات وحوارات كبّلت الدولة السودانية، وظهر ناشطين في الإعلام والميديا وفتحوا مكلمّات لا تثمر ولا تغني من جوع، قام اليوم الإثنين، الفريق البرهان بإعلان الانسحاب من الحوار الثلاثي، وقرر أن العسكريين لن ينخرطوا في أية مفاوضات ولا حوارات. وأنهم سيشكلون المجلس العسكري (الأعلى)، ومهمته ستنحصر في حماية الدولة وحدودها وحماية الشعب السوداني، وترك للمدنيين فرصة الحوار فيما بينهم، والاتفاق على نقل السلطة لمن يختارون منهم استكمال انتقالها لحكومة مدنية.
هذا ما طالبوا به، فوضعهم في موقف لا يحسدون عليه، لأنهم مختلفون في توجهاتهم وفي طموحاتهم وولاءاتهم. ولن يستطيعوا جمع كلمتهم أو الاتفاق على وُجهة نظر موحدّةـ لأن الكل طامع في السلطة، ولا أحد فيهم لديه خبرة إدارة دولة بحجم السودان خلال الظروف الراهنة في العالم كله.
لكن ما حدث، إنّهم اعترضوا جميعاً على قرار المجلس العسكري، فقد تورطوا من المفاجأة!
كانوا يتلاعبون بالألفاظ ويكيلون الاتهامات للعسكريين، ولما قرّر العسكريين الخروج من المشهد، قالوا لا.. هؤلاء عسكر انقلابيين ويجب أن يسلموا السلطة ويذهبوا، ونحن من نعيد تنظيم الدولة والجيش.
لا إله إلّا الله في عقول هؤلاء، وسوء نواياهم.
طيّب..
من يسلم من، ومن يعتمد تعيين الحكومة وكيف يتم تحديد رئيسها، ومن يحدّد صلاحيتها وأي فصيل أو حزب، أو أية مجموعة لها القوة والشعبية التي تمنحهم الأغلبية والدعم اللازم لمثل هذه المهمة؟
ومن منهم قادر على حمل المسؤولية، ومن يضمن أي فصيل، كي لا يتخذ أية مواقف انتقامية ضد العسكريين بعد استلام السلطة المُطلقة، فتعود البلاد إلى صراعات وخلافات وحروب داخلية فيما بينهم؟
كل هذه التساؤلات، بجانب ظروف الحرب مع أثيوبيا وسد النهضة، وما تحتاجه هذه المشاكل، وما يعانيه الشعب السوداني من الفقر والاحتياج، وأخيرا لن يتم الاتفاق بين الفصائل المدنية المتناحرة الساعية فقط للحصول على السلطة، بلا لخبرة كافية تفيد بلدهم.
هنا، سيتورطون في الوصول لاتفاق بينهم، وهو تقريبا مستحيل. وساعتها، سيعودوا للعسكريين لتحمل العبئ الثقيل، لأنها مسؤولية ثقيلة جداً، لا يقدرون على تحمّلها. وليس لديهم خبرة في إدارة الدولة، ما يعطي الانطباع بعبقرية البرهان ورفاقه بوضع المدنيّين أمام الأمر الواقع، وكشفهم أمام الشعب السوداني والرأي العام العالمي.
الكنانة المصرية