مقالات

قف تأمل

المسار نيوز قف تأمل

نحتاج الي وقفة تأمل مع النفس ويجب علينا أن نرجع البصر كرتين حتي نتدبر أمرنا بعين ثاقبة وبصيرة نافذة لنضع الموازين القسط وفقا للمعايير المضبوطة والمقاييس التي لا إختلال فيها وأن لا نكيل بموازين خاسرة فقد حكي التاريخ أن أبرهه الأشرم عندما أقدم من اليمن بأمر ملك الحبشة لهدم الكعبة أرسل عيونه وبعث جواسيسه وكم بذل من المال ليجد من يرشده ويدله علي طريق الكعبة ولم يجد ذلك إلا بعد جهد جهيد وكلما عرض الأمر علي من مر عليه وجد الصدود وقد فتح في سبيل ذلك خزائنه وأرسل سماسرته بالبلاد يطوفون حتي ظفر بأبي رغال أحد المنبوذين وقد صار مثالا للخسة وأضحي قبره فيما روي التاريخ عنه انه كل من مر علي قبره رجمه وصار مزارا للذلة ومكانا للعنة ذلك أنه باع نفسه بثمن بخس فكتب مع الأذلين في أسفل سافلين وقد صار العرب يضربون به المثل في كل من باع نفسه وكلما مر علي قبره فوج رجمه بالحجارة وصار رمزا لكل وضيع وهذا قطعا ينطبق علي كل من باع وطنه ويبحث عنه في غير مظانه وينشده عند غير صاحبه ولعمري من يفعل ذلك لن يطال شيئا غير أن يصبح مسخر وكلما جلس في مائدة زادته مسخرة علي مسخرة فأضحي مثله كمثل باسط كفيه للماء ليبلغ فاه وماهو ببالغه ، فعلام تصولون وتجولون وتطلبون الخبز من عند غير خبازه وتقولون ما لا تفعلون في مواضع غير مواضعها وتطلبون حلا لمن لا عنده حل وهو متسربل بمشاكل تنوء بحملها الجبال ولو كان فيه خير لكان خيره لأهله ، فأبي أحمد لم يحمده أهله ولم يأتي عليهم بغير مزيد من الفرقة فما من بقعة في أرضه وإلا بها لهب فعلام تبحثون حلولا عند حمالة الحطب ؟ فعلي كل من أراد خير بوطنه أن يوطن نفسه ولا يسمح لغيره أن يؤجج فيه النيران وبعضهم يري حمالة الحطب ترمي مواطنهم بشرر كالقصر ولا يقولون لها شيئا ولا ينطقون ببنت شفه في ما تفعل ويصمتون صمت القبور وهم يعلمون أن العالم كله قد أدان الدويلة وأثبت أنها تدعم الحرب وهم علي علم ومسمع ويقولون لا للحرب فلما لا تدينون الأمارات التي لها القدح المعلي في قتل شعبكم ، وكلما قلت النيران زادتهم بالمواقد والبراكين ومن خلفها دول الايقاد المنفوحة ومن مال الأمارات منفوخة تؤقد النار وتنفخ الكير في المواطن السوداني وتصليه سقر ، فيا بؤس من يبتغي عندهم العزة ويا خسارة من يستنجد بهم ، فكن مع مواطنك لتصلح أمره وتصحح مفاهيمه إن كان في تفكيره خلل ، ولكنك آثرت أن تقف مكتوف الأيدي وشقاء عمر يضيع من بين يديه وهنالك من ينزل به العذاب وقسرا يهجره ويشرده وباعدت بين الأسر الأسفار فقتل سعد وهرب سعيد ، وأنت تعلم وتسمع وتري ثم تقول لا للحرب ومن يأتي بالبارود بجوارك جالس وتحج إليه في الشهر مرتين ولم تقل له أف ولا كف يدك ولا تحرق شعبي بل أكلت زاده وصافحت يمينه فتهكم عليكم هندسون وتوارت الشهامة خجلا وبكت الأخلاق بالدمع الهتون وتململت ضلوع الآباء والأجداد تحت الثري ودماء وأشلاء الضحايا تلعن من كان بعيدا عن نصرتها ، إنها حرب ضد المواطن الذي تريد أن تحكمه وكيف تحكمه وأنت بعيدا عنه ولم تكن معه في السراء ولم تقف معه في الضراء فحتما سيكون منك غاضبا ولا تجد عنده منزل اضياف ولا بجواره نزل ، فمسرحك الذي به تنتصر وبه تلوذ هو شعبك فكن بالقرب منه تظفر بالنصر الذي تريد ، إن لم تكن لشعبك ظهير فبعدا لك الكرسي ولو قرأت أية الكرسي ، وإن أردت أن تكن له حاكما فكن له ناصرا ولا تكن منه بعيد أو تقول كما قال قوم موسي لموسي إذهب أنت وربك فقاتلا ونحن هاهنا قاعدون فحتما لن تنال بلح الشام ولا عنب اليمن ، فشعبك الآن يذوق الأمرين وأنت تصافح من فعل به ما فعل وشرده ونكل به فكيف يكون لك ظهير ، وقد ركبه من صافحته ركوب الحمير ، فإنك قد طلبت المستحيل ومن فعل ذلك صار كالمقصر الذي لم يصل الي الحج وكان يريد أن يفعل ولكن ماله وزاده إنقطع به في سواكن فمكث فيها وعاد مع الحجاج كأنه حج واعتمر ولما ظهر أمره سموه حاج سواكن ، فذاك لعمري من يطلب الأمر من غير موضعه ، فمن أراد أن يسود فعليه بأن يكن لشعبه وجاء وحصن ، أما أن تكن صامتا في موضع الكلام فتلك قسمة ضيزي ووضع مخل سيجعلك من الذين خفت موازينهم ، وأن الذي أنت فيه كله أضغاث أحلام وستجد نفسك في غربة زمانية ومكانية ولا مكان لك من الإعراب يوم ينثر الناس أرصدتهم وينادي المنادي اليوم يوم الأرصدة وغدا يوم الأوسمة ، جفت الأقلام ورفعت الصحف.

 محمد عثمان المبارك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى