قيمتنا الحقيقية غير المنظورة!!
خالد الإعيسر
دعونا نتحدث اليوم عن المضامين والدلالات والمآلات الخطيرة للصراعات القبلية اللئيمة التي أنتشرت وكادت أن تعصف بالسلم المجتمعي وتفكك بلادنا السودان وتدخل شعبها المحب للسلام في حروب عرقية لا تبقي ولا تذر.
بداية لابد من توجيه رسالة مباشرة للقادة السياسيين “العسكريين والمدنيين معاً”، أنه آن الأوان لوقف خطاب الإبتزاز والكراهية وقصر النظر ومحاولة الكسب الرخيص الذي أسهم في تأجيج الصراعات والنعرات القبلية “بشكل غير مسبوق في تاريخ الحياة السياسية والاجتماعية في السودان”.
على هؤلاء القادة جميعاً تبني خطاب وعي وإدراك عميق بحجم المخاطر التي تهدد وطننا السودان، وأن يعملوا على حث الشعب على محاربة الروح القبلية والجهوية المناطقية الضيقة التي تدعو للانفصال “شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً”.
وليكن معلوماً للجميع أن الانفصالات لن تزيد بلادنا الأم/ وأعني هنا السودان المتبقي “في حال لا قدر الله وقوع هذا الفعل اللئيم وهو الانفصال” إلا مزيداً من الدمار والخراب والصراعات والموت، “وحتى المناطق المنفصلة نفسها لن تسلم من هذا الحريق، وأمامكم تجربة دولة جنوب السودان الماثلة والحافلة بالشواهد المؤلمة” .
على الجميع الإيمان إبتداءً – وبقناعة تامة – بأسس قيام دولة المواطنة المنضبطة بقيم العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، وبعدها كل إقليم من حقه أن ينال حقوقه الاقتصادية بمقدار متوافق حوله بين الكافة تراضياً وليس نهباً أو قهراً كما كان يتم سابقاً.
على أن تظل المؤسسات القومية والاقتصادية في الأقاليم متاحة لمشاركة الجميع وبلا استثناءات، “في الفائدة والملكية والعمالة”.
نحن كشعب ودولة قيمتنا الحقيقية غير المنظورة تكمن في وحدتنا وليس فرقتنا، وهروبنا من بعضنا البعض، وقد خصنا الله بتمازج ثقافي واثني فريد وبالفطرة، وهو ذات الأمر الذي تسعى بلدان كبيرة – كما هو حال بريطانيا وكندا وأمريكا وأستراليا ودول أخرى كثيرة – لصنعه واستنساخه باستقطاب القوميات المهاجرة، وتنفق في سبيل ذلك مبالغ طائلة وأرقام فلكية لتتمكن من خلق مجتمعات متعددة الأعراق Multicultural society.
بهذه القناعات وحدها يبدأ قطار النهضة السودانية في الانطلاق نحو آفاق المستقبل الاقتصادي المنشود والذي لن توقفه بعد ذلك أي قوى دولية أو تكتلات اقتصادية كبيرة كانت أم صغيرة.
هذا الفكر والنهج أعلاه هو نواة حقيقية لتشكيل الملمح الاندماجي الذي يمكن أن يؤسس لتغيير قناعات العامة في القرى والأرياف والحضر.
وكما كتبت سابقاً، (على الجميع التسامي، ومحاربة خطاب الكراهية، والعمل بقوة لنشر الوعي ووأد الفتن العرقية في نطاق تأثيره وإمكانياته “أياً كان حجمها”).
قال الله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير).. صدق الله العظيم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: (يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب).
لعن الله النزاعات القبلية!.
خالد_الإعيسر
19 يوليو 2022