لجان المقاومة و لعبة الروليت الروسية
زين العابدين صالح عبد الرحمن
انطلاقا من مبدأ الديمقراطية المتمثل في شعار الشارع ( حرية – سلام – عدالة) أقدم نقدي لمقترح ( ميثاق تأسيس سلطة الشعب) الذي طرحته ( لجان مقاومة ولاية الخرطوم) و بوضوح كامل دون أي مدارة، باعتبار أن الديمقراطية تبنى على الضوء و ليس في العتمة. و قد بلغت الأزمة السياسية عمقها حيث تصلبت العقول و عجزت أن تقدم الرؤى و المبادرات الصائبة لعملية التحول الديمقراطي، فأصبح الهدف السلطة..! و كيف الوصول لها، حيث تستخدم كل وسائل المداراة و الضرب تحت الحزام، و كل وسائل الإقصاء و العزل تحت شعارات الديمقراطية. و الوطن يئن بين خيارات صفرية لا تريد أن ترق لمصاف الوطن. هناك بعض القوى السياسية تعتقد أنها تتعامل مع أجموعات من الأغبياء عاجزين عن تحليل تعقيدات الواقع و الخطابات السياسية، رغم هم الذين يضعون أنفسهم في هذا الموقع.
أن لعبت الروليت الروسية؛ هي لعبة يتسابق فيها أثنين أو أكثر، حيث يتم وضع رصاصة واحدة في مسدس، و يوجهها الشخص المتسابق إلي رأسه، إذا لم تصادفه الرصاصة تنتقل اللعبة للأخر حتى تصادف الرصاصة شخص و يموت. تذكرت هذه اللعبة عندما قرأت تفاصيل ( مقترح ميثاق تأسيس سلطة الشعب) المقدم من (لجان مقاومة ولاية الخرطوم). حيث تريد اللجان غير المعرفة في الوثيقة، أن تلعب لعبة الروليت مع الأحزاب السياسية السودانية. و هي بمقترح الميثاق لا تريد أن تخلق واقعا جديدا بالميثاق، بل تريد أن تكون جزءا من عملية الاستقطاب الحادة الجارية في الساحة السياسية.
أن المقترح المقدم (ميثاق سلطة الشعب) ليس ميثاقا لقوى مستقلة تسعى لحل أزمة سياسية في البلاد، لآن القوى المستقلة غير المسيسة تحاول أن تخلق واقعا جديدا على أن تكون مسافتها من القوى السياسية واحدة، لكن المقترح ( ميثاق سلطة الشعب) هو برنامج سياسي أفضل للجان المقاومة أن تؤسس به حزب سياسيا و تقدمه كمشروع تستقطب من خلاله العضوية التي تريد، أو أن تذهب مباشرة و توقع على دفتر عضوية القوى السياسية التي تؤمن بالذي جاء في مقترح الميثاق.
يتقدم الميثاق المقترح ديباجة تشرح تطورات العملية السياسية حتى الانقلاب في 25أكتوبر، ثم ينتقل للفقرة ألولي إسقاط الانقلاب و هذه تتفق عليها كل القوى السياسية. لكن تحاول أن تضع لها شروط. الغاء الوثيقة الدستورية و رفض دعوات التفاوض. و متى كانت السياسة خالية من أداة التفوض، و هذه تميل لشعارات الاءات الثلاث و هو شعار سياسي تحاول به قوى سياسية أن توقف أي مبادرات يمكن أن تقدمها القوى السياسية الأخرى و للأسف وقعت فيه ( قحت المركزي) بعد ما وجدت نفسها خارج السلطة و مهيضة الجناح و تريد أن تتودد للجان المقاومة قبلت الشعار، رغم أنه شعار مأزوم، و الآن بعض من هذه القوى بدأ يفيق من واقع الصدمة.
الفقرة الثانية في مقترح الميثاق: يبدأ بشرط يبين أن الذين كتبوا الميثاق ليس لهم علاقة بالثقافة الديمقراطية مطلقا، حيث يؤكدون على مبدأ الوصايا على الآخرين تقول الفقرة ” تشكل هياكل الحكم تحت إشراف و رقابة لجان المقاومة و قوى الثورة الحية المتوافقة مع وجهة هذا الميثاق” من هي الجهة التي سوف تقوم بدور تقديم الصك للآخرين بأنهم ثوريين و يمثلون القوى الثورية و آخرين يغير ثوريين. و هل القوى الثورية و الثوريين كما قال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كمال كرار لقناة (الجزيرة نيت) أن القوى الثوري تتمثل في ( الحزب الشيوعي و تجمع المهنيين و بعض لجان المقاومة) أم للجان المقاومة التي قدمت مقترح الميثاق لها تعريف مغايرا للقوى الثورية. ويقع على عاتق هذه الثورية اختيار رئيس الوزراء و تكوين المجلس التشريعي و أختيار أعضاء كل المفوضيات و المؤسسة العدلية. السؤال مباشر للذين قدموا المقترح لماذا تريدون إذاً اسقاط الانقلاب مادام طريقكم واحدا هو تأسيس نظاما شموليا لفئة مختارة من الشعب السوداني.
و يقدم المقترح تصورا لقضايا الحكم و يؤكد أن يكون فدراليا في الفترة الانتقالية، ثم ينتقل للعدالة و العدالة الانتقالية و السلام و كلها تقع تحت اشراف القوى الثورية غير المعرفة، و أيضا هذه القوى هي التي تشرف على تكوين المنظومة الحقوقية و العدلية و إصلاحها، عندما تشرف جهة واحدة على هذه المؤسسات و هي التي تصبح رقيبة عليه أين استقلالية الأجهزة العدلية التي تكون خاضعة بشكل كامل للقوى الثورية. أننا مللنا من دعوة الشمولية تحت غطاء شعارات ديمقراطية.
في باب أحكام عامة تقع الطامة الكبرى، حيث يوقع ( مقترح الميثاق) عقوبات على القوى السياسية، و يفرض عليها شروطا مما يؤكد أن ( الميثاق) تقف وراءه قوى سياسية بعينها و تريد تصفية حسابات، تقول فقرة 2.1 من الميثاق تستثنى من التوقيع على هذا الميثاق كل القوى التي شاركت نظام الإنقاذ حتى لحظة سقوطه و القوى التي أيدت انقلاب 25 أكتوبر و القوى التي شاركت في سلطة انقلاب 25 أكتوبر حتى لحظة سقوطه. و الفقرة 2.2 تقول يشترط على كل القوى المدنية و السياسية التي قبلت و شاركت في التفاوض مع اللجنة الأمنية لنظام الإنقاذ تقديم تقييم موضوعي للتجربة التي قادت إلى إنتاج الشراكة و الاعتذار الجماهيري عن الأخطاء التي نتجت عنها. السؤال من المعصوم في ذلك؟ غير عبد الواحد محمد نور الذي رفض المشاركة و استقبل حمدوك في باريس ليس بوصفه رئيسا للوزراء.
العدالة تقتضي القول؛ أن كل قوى الحرية و التغيير قد شاركت في التفاوض مع المكون العسكري بما فيها الحزب الشيوعي و تجمع المهنيين و تجمع القوى المدنية و كل وجهات الحزب الشيوعي التي يستخدمها في مثل هذا الصراع، و حتى كل لجان المقاومة في الخرطوم و في أنحاء السودان شاركت لأنها لم تعترض على هذا التفاوض، بل قبلت به و أيدت مخرجاته و أيدت رئيس الوزراء بشكل صريح و واضح، و رئيس الوزراء تم أختياره وفقا للوثيقة الدستورية التي وقعت مع العسكر.
أن مقترح ( الميثاق لسلطة الشعب) هو مقترح مشروع سياسي ياراد به تكوين حزب سياسي إذا كان الذين صاغوا المقترح بالفعل مستقلين و الافضل لهم أن يفكروا في ذلك، لكن ليس ميثاق يهدف لحل أزمة البلاد عبر حوار وطني، أو عليهم أن يقدموا طلب عضوية للحزب الذي يتبنى مثل هذه القضايا. أن معركة الديمقراطية ستظل معركة مستعرة مع القوى ذات المرجعيات الشمولية التي لا تستطيع أن تفكر خارج أطروحاتها التقليدية التي تجاوزتها شعوب العالم و وضعتها في متاحفها التاريخية.
هل تعتقد لجان مقاومة ولاية الخرطوم أن القوى السياسية سوف توقع على مشروع سياسي لقوى سياسية أخرى. هذا الميثاق يطالبها بصورة غير مباشرة أن تحل نفسها و تسلم زمام أمرها لقوى سياسية درجت في كل مراحلها التاريخية أن تتوارى خلف واجهات تصنعها بنفسها و تعتقد أن الأخرين لا يستوعبون ذلك. متى يستيقظ الزملاء من ثباتهم، و لا يتخفون وراء أصبعهم،و يدركون أن كل تكتيكاتهم منذ عام 1946م هي معروفة للكل. و يدركون أن معارك الديمقراطية ليست معارك ضد العسكر لوحدهم، بل ضد كل الذين يحاولون أن يجعلوا عوائق لطريق الديمقراطية بشتى السبل، و يحاولون أن يخلقوا معارك وهمية يمثون أنفسهم بدون كيشوت و معركته مع طواحين الهواء. صحيح هناك أحزاب قد أخطات؛ إذا تلك التي شاركت مع الإنقاذ، أو التي شاركت في سلطة الفترة الانتقالية، و لا ترفض مبدأ المحاسبة، لكن في المشكل في الحزب الذي ي شارك ثم يريد أن يقنع الآخرين أنه بريء من المشاركة. حزب تم تعين أخذ نصيب الأسد في تعينات الخدمة المدنية و يجادل أن عضويته تم تعينها من قبل قوى مدنية و مهنية، كل القوى تتعامل في العمل السياسي بشخصيتها الاعتبارية إلا الزملاء بالعديد من الواجهات لكي تكون لهم تبريرا. أنها معركة الديمقراطية و لا تطبق فيها إلا الشروط الداعمة للديمقراطية. و أن سلطة القوى الثورية التي يتخبأ وراءها الزملاء لن تؤسس إلا بالحوار الوطني الشامل فقط لا غيره. و إذ يريد الحزب الشيوعي أن يلعب لعبة الروليت سوف يطلق الطلقة على نفسه، و هي معركة سياسية يجب أن لا تتضارى فيها القوى السياسية خلف الستار. و نسأل الله التوفيق.