ليلة خيانة فضائية السودان للجيش
الدكتور عمر كابو
بعيدا عن المكابرة والمغالطة الفجة فإن حشود الإسلاميين جاءت البارحة مد البصر ما تركت مساحة للمقارنة الموضوعية مع حشود اليساريين الضعيفة اليوم والتي حملت زورا وبهتانا رقم (مليونية) وهي في الحقيقة لا تتجاوز بضع مئات إن أضفنا لهم أطقم الحماية من قواتنا النظامية والإعلاميين٠
لينطلق السؤال الملح لماذا فشل اليسار في حشد الشارع؟ ألم يكونوا ملوك التحشيد أين ذهبت حيلهم الخبيثة ومكرهم السئ في خداع الشباب ليجدوا أنفسهم فجأة عراة بظهور مكشوفة من كل دعم جماهيري؟؟!! مقام مما يقال فيه أنه باستطاعة البرهان إن ملك درهم الجرأة لقضي عليهم فذا فذا؟!
يجب أن نقرر أولا أن الصيام والحر لم يكونا سببا في ضعف تلك الحشود عطفا على حشود الإسلاميين التي قامت في ذات الظروف صياما وحرا قبل يوم واحد من حشدهم الضعيف؛ من هنا فإن البحث عن إجابة شافية يجب أن يكون شغل أحزاب اليسار الشاغل التي حشدت كل طاقتها لأجل إنجاح هذا اليوم بغية اقتحام القيادة وإجبار البرهان على تقديم استقالته٠
نعم لقد بذل اليسار كل طاقة ومشقة وهم يحولون فضائية السودان قناة للفتنة والإساءة لقيادة الجيش والدعم السريع والشرطة من خلال تغطية كاملة استمرت من منتصف النهار وحتى الثامنة بعيدا عن المهنية والالتزام٠ تغطية غذاها لقمان الفاسد غير الحكيم بلغة الكراهية والأذي والقذي واللعن والسباب للجيش وحمدتي بالتنسيق الكامل تزامنا مع معظم القنوات الفضائية والاذاعات الأخرى التي جاءت برامجها موجهة للرأي العام تحشيدا وتهييجا وعصبية لتؤكد المؤكد أنه آن الأوان أن تجري الحكومة تعديلا واسعا في الأجهزة الإعلامية خاصة الفضائية السودانية مع ضرورة مراجعة شراكتها في إدارة النيل الأزرق وأهمية المراقبة عن كثب وبطريقة أكثر مهنية أداء الفضائيات الأخرى التي وضح من تغطية اليوم أن قبضة رشيد سعيد (غير الرشيد) مستمرة يفعل بها مايشاء ويعبث فيها أني شاء تنسيقا وترتيبا وتهيئة وبرمجة٠
في المقابل أنفق اليسار مليارات الجنيهات لإنجاح هذا اليوم يكفي أن فتاة واحدة أقرت البارحة باستلامها مبلغ عشرة ألف دولار لتنفيذ مهمتها القذرة لصالح تسخين حدث اليوم٠
ثم الدعم اللوجستي الكبير الذي تلقوه من السفارات مأكلا ومشربا٠ليس هذا وحده فقط فقد سارع المجتمع الدولي لتقديم دعمه المعنوي من خلال إعلانه الساعات الأولى من يوم البارحة دعمه ومساندته للتحول المدني في السودان وقبل ذلك دعوة ثلاثة سفارات لهم بالاحتشاد أمام مكاتبها ماشكل لهم سندا نفسيا رهيبا٠
أمام ذلك يضحي السؤال جوهريا وحتميا لماذا فشل اليسار في تحريك الشارع رغم ذلك كله؟!
لماذا لم ينجحوا في تأليب الشارع ضد حكومة البرهان بالرغم من أن كل الظروف الآن ليست في صالحه:
غلاء طاحن وقطوعات الكهرباء وندرة المياه في أحياء كثيرة من الخرطوم وإغلاق الجامعات وتردي الخدمات ثم الانفلات الأمني والاحتقان السياسي الكبير وأجهزة الإعلامية الرسمية التي تعمل ضده؟!
أجزم أن اليسار لن يناقشوا ذلك خشية الإحباط فإنهم أدمنوا الفشل وباتوا يعشقون رحلة سفره الطويل وهم يتقلبون فيه ساعة بعد ساعة ما خرجوا من فشل إلا وأعدوا أنفسهم لفشل جديد٠
حتى تتضح الصورة لكم قارنوا بين الحشدين حشد الإسلاميين الذين تدافعوا تدافعا عفويا أسخياء مأكلا ومشربا وفودا من كل فج عميق استجابة لنداء الأخوة الصادقة وتأكيدا على روح الالتزام وميثاق الولاء والانتماء الحركي العميق؛ وبين حشد اليسار الذي سددت نفقاته السفارات مؤازرة مع أحزاب اليساريين وعضوية تم إحضارها من كل الولايات وبالرغم من ذلك فقد جاء ضعيفا يحكي عن السقوط والفشل واليأس والهوان٠
قطعا سنتولي الإجابة بإذن الله في مقال قادم لنبين أسباب الفشل الكبير في ليلة الحشد الهزيل٠