مأزق تاريخي وليال حلوك ولا مخرج إلا بالتوافق
السودان دولة مشدودة من أطرافها تمور وتفور في دواخلها وتغلي أحشائها مع حالة إقتصادية متردية وبنية تحتية منتهية وأكثر من 80% من سكانه تحت خط الفقر مع وضع صحي بائيس لايمكن وصفه بأية حال وكذلك التعليم ليس بأحسن حال علاوة علي حدود مفتوحة ونزوحات كبري وهجرات من جهات شتي ومدن تريفت وفوق ذلك النزاعات القبلية علي الحدود والحواكير وصدامات الرعاة مع المزارعين ثم الدول التي حول السودان دائمة الاضطراب ودائرة الحروب تهدأ يوما وتستعر أيام ثم تأتي فوق ذلك الكوارث الطبيعية من سيول وأمطار وفيضانات فتزيد المعاناة علي العنت والشقاء الموجود أصلا وهذا ما توارثه السودان منذ استقلاله ما يخرج من فشل إلا دخل في آخر فكانت مسيرة ظلام جلها حالك وكل ما يطل شعاع قطع لسانه بليل فعشنا أعوام شتي في ليل حلوك ولما طل فجر ديسمبر بعد تلك السنين الحالكات ولم يأتي هبات بل بعد كفاح مرير سطرته دماء طاهرة ومضت فيه أرواح عزيزة ورمي الشعب بفلذات كبده وضرب أكباد الإبل في مسيرة ظافرة تهدر في الشوارع كالسيول تقودها الباسلات ويتقدمها البواسل فكانت زغرودة كنداكة بداية وهتاف بعدها يعانق عباب السماء وشباب يملأ الشوارع موجا هازئا بالسحب والأمطار والأنواء فساروا نحو الشمس حتي أخرجوها من غيابت الجب ثم تنفسوا الصعداء ثم كان كما كان في كل مرة شد وجذب وتدابر وتنافر وتنابذ بالألقاب وعلا سوء الظن والهمز والغمز واللمز وسادت الذاتية فصار الواقع معقدا أكثر مما كان وانتقل الصراع من مربعات بعيدة كانت في أطراف البلاد الي وسطها وحتي داخل المدن ووسط أسواقها وأماكن كانت آمنة مستقره يأتيها رزقها رغدا إنفلت فيها زمام الأمن ولبست لباس الجوع والخوف تطوف عليها تسعة طويلة وسبعة قصيرة وخلاف بين المدنيين ومرة مع المؤسسة العسكرية وهنالك من يسعي بينهما بالفتنة وآخرون يبحثون عن الغنائم حتي أصبحت البلاد ساحة تصفية حسابات تجوس فيها المخابرات شرقية وغربية وأصحاب الأجندات يبثون سمومهم وكثير من الأقلام المأجورة والذين يحرفون الكلم من بعض مواضعه وهنالك من يعمل ليل نهار ويحيك الدسائيس ويرمي القوات المسلحة بكل قبيح ويسعي بين الشعب لغرس بذور الفتنة بينه وبين قواته المسلحة ناسيا أو متناسيا أن القوات المسلحة هي من الشعب ومن فلذات أكباده ولا يعرفون غير الوطن ومن دونهم لتخطفنا الطير وها هو قائد الجيش في دعوة مستمرة الي وحدة الصف ملتزما بوعد قد قطعه واضعا الكرة في ملعب أصحاب المصلحة مؤكدا حماية خيار الشعب والتزام القوات المسلحة وخروجها من الحياة السياسية متعهدا بحماية خيار الشعب وعلي الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ولجان المقاومة وكل دعاة الدولة المدنية أن يوحدوا كلمتهم لبناء وطن الثورة ومثلثه العظيم ذو الأضلاع الثلاث حرية ، سلام ، وعدالة.
ولتحقيق شعار الثورة لابد من الوحدة والعمل الجاد والسمو وترك الذاتية فلا مغنم اليوم فالوطن محتاج لكل بنيه أن يكونوا صفا وأيدي فوق أيدي حتي يخرج من هذه الوهدة التي لا رابح فيها والكل خاسر إن ضاع الوطن فماذا تبقي غير الفرار ومن فقد وطنه فقد فصل علي جسده ثياب الجوع وربط علي رأسه عمائم الخوف وتجرع كؤوس المذلة وتأبط الندامة حلا وترحالا فهل هنالك فجيعة أعظم من هذه ولات حين مندم .
*شندقاوي*