مؤشرات تزايد شعبية البرهان داخليا وخارجيا
تقرير : المرصد السوداني
منذ 25 أكتوبر 2021 تم توظيف عدد من المنافذ والأبواق الإعلامية للعمل بشكل مكثف للإساءة للقائد العام للجيش ، في الأساس كانت الأسباب سياسية وتنافسية وفيما بعد صار كل ما يحدث في الشارع كأثر جانبي لمحاولة فرض هيبة الدولة يعود على البرهان بحملات لإدارة السخط ضد شخصه بالمقام الأول ثم المؤسسة العسكرية التي يقودها .
في العشرة أشهر المنصرمة حدثت الكثير من الأحداث غيرت من صورة البرهان داخل ذهنية السياسيين والمراقبين ، وكذلك صورة المؤسسة العسكرية ، فكان الرائج أن ما حدث في 25 أكتوبر هو انقلاب عسكري حسب الدعاية السائدة، لكن بمرور الوقت أكتشف الجميع بأن ما حدث لم يكن انقلابا عسكريا وانما تصحيح مسار وإلا فما الذي يمنع البرهان من القيام بإجراءات إستثنائية تكمم كافة الأفواه التي تعمل ضده ؟ وما الذي يمنع المؤسسة العسكرية من القيام بإجراءات تجعل من 25 اكتوبر انقلابا حقيقيا يصفر عداد السياسة السودانية؟ العكس هو ما حدث. تعاملت السلطات أغلب الأحيان مع المظاهرات والمواكب بطريقة حضارية وقالت دائما أن التظاهر حق من حقوق المواطنيين يجب حمايته، رغم ما شاب هذه الصورة من إفراط في استخدام القوة أدى لفقدان أرواح غالية جدا ولا تعوض. ثم جاءت انتخابات الصحفيين الأخيرة وإن لم تعترف بها السلطة رسميا ولكنها لم تمنعها وسارت بكل سلاسة حتى علق المراقبون أن هذه الانتخابات ما كانت لتحدث في عهد حكومات “قحت” و”حمدوك” بل كانت لجنة التفكيك تلك الأيام بعبعاً مخيفاً لكل العاملين في الدولة. الكل يخشى أن يجد نفسه مفصولا من وظيفته لمجرد وشاية من شاب صغير من شباب لجنة التفكيك المحلولة. كان ذلك يحدث في زمان “مدنية قحت” الزائفة، في حين تمكن الصحفيين لأول مرة من انتخاب نقابتهم في عهد مسار 25 أكتوبر، كما تمارس كل القوى السياسية نشاطها المناوئ للبرهان بدون أي تعسف من السلطة . كل هذه مؤشرات يرصدها المراقبون المحايدون ليصلوا إلى نتيجة أن البرهان حريص على الدولة المدنية أكثر من المدنيين.
بالطبع ليس هو الشارع ولا المجتمع الدولي فالشارع يمكن إغلاق (صواميله) من أصلها ومخاطبة جذور قضاياه وذلك بعد فصله عن السياسيين ، والمجتمع الدولي أن كان جامل قوى قحت في بداية الأمر بتصريحات وتقارير الا انه لاحقا استدرك خطأه وبنى نهجا جديدا للتعامل مع الوضع في السودان ، فارسال سفير امريكي للسودان بعد 25 عاما من الانقطاع ، وتماهي فولكر بيرتس ممثل الأمين العام للأمم المتحدة مع خط البرهان وخط المؤسسة العسكرية بعد مسيرة من الانحياز لجانب قحت ، ونقاط التلاقي التي حدثت بين العسكريين والترويكا ، ثم الاحتراق الذي أحدثه العسكريين في الجبهة الإقليمية مع مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والاتحاد الافريقي ثم رئاسة الفريق أول البرهان لمنظمة ايقاد ، كل هذه المؤشرات جعلت كل سياسي حصيف وقارئ جيد للأحداث يعي ضرورة وجود المؤسسة العسكرية وقيادتها في المعادلة السياسية حتى وإن لم تكن هي راغبة في ذلك ومكتفية فقط بمهام السيادة والأمن .
على المستوى الداخلي وسياسيا، فقد ظل السيد محمد عثمان الميرغني يقف بصلابة مع الجيش ويدعمه عبر البيانات علناً من مبدأ أن أي استهداف للجيش هو استهداف للدولة نفسها، وقد قرن الميرغني اعلاناته بالفعل إذ أرسل ابناؤه للفريق البرهان ليؤكدا هذا الموقف عملياً. وبالأمس صرح نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق محمد اسماعيل بضرورة أن يكون المترشح لمنصب رئيس الوزراء من أصحاب المواقف الإيجابية تجاه العسكريين، وغير الفريق صديق وحزب الأمة القومي فكافة القوى المحافظة والتيارات الإسلامية ترى ضرورة وجود المؤسسة العسكرية في المعادلة المقبلة لحفظ التوازن بين المكونات السياسية وكذلك لضمان أن لا يطغى بعضها على بعض او يستقوي بعضها على بعض بقوى داخلية أو خارجية ، كذلك كل القوى السياسية ذات الرؤية المناوئة لقحت المجلس المركزي ترى ضرورة أن يكون البرهان في موقع يسمح له بفض أي اشتباك مقبل بينها وبين قحت التي ثبت أنها لا تراعي عهدا ولا ميثاقا بينها والمكونات السياسية.