مقالات

متي نعتبر

المسار نيوز متي نعتبر

لم نرجع الي التاريخ ولم نستحضر الماضي ولم نعتبر بسيرة ولم نسبر غور قصص فعبرنا ومررنا مرور الكرام الذين عندهم الحياة لعب ولهو وأكل وشرب ولعمري قد سلكنا خطي الأنعام حافر بحافر ، ومن الأنعام حمولة وفرشا ونبلغ بها بلد لم نك ببالغيه إلا بشق الأنفس وتمنحنا لحما طريا ولبنا سائغا للشاربين من بين دم وفرث ، وقد أدت فرضها وما خلقت له ، ولكن لكل دور رسم له ولكنه لايدخل مداره إلا أن يسلك سبل رشاده ويمشي علي قدم وساق علي هدي وكتاب منير ولعمري ذلكم هو العقل الذي غذاؤه العلم ، ولذا فالعلم نور ومن قال الجهل أنور فتلك تورية تعني صاحبها وتقصد ما مضت إليه ، ثم ما كان العلم في شئ إلا زانه وما كان الجهل في شئ إلا شانه ، ولعظمة العلم وعلو مكانته وسمو مقامه فقد حضت عليه الديانات من السماوات العلا ، وقد إفتتح الذكر الحكيم نزوله بإقرأ ، وما كان بابه كذلك إلا لعظمة شأنه ، وكان يوم بدر مؤكدا لذلك إذ كان فداء المشركين أن يعلم أحدهم عشر من أبناء المسلمين الكتابة والقرأة ، أعلمتم لما ذلك لأن نور العلم وناره لا تخمدها العواصف والأنواء ولا يطفها سيل العرم حتي لو كان منحدر من شاهق فهو أقوي من جلمود صخر وقد يحطه السيل من عل (أي الحلمود ) ، أما العلم عصي علي نوازل الزمان ولا تعصف به زلازل المكان حتي لو فاقت مقياس رختر بشاو ، أما في سودان أخر الزمان فقد كانت مصيبتنا لا تدانيها مصيبة وفجيعتنا لا تقارنها أو تقاربها فجيعة ، فلم نتخلق من علقة الي مضقة فكنا من شرنقة الي يرقة أو بين ذلك ، وكانت نائبتنا في مثقفينا الذين يتسابقون الي دنيا يصيبونها وتركوا شعبهم الي براثن الجهل ومكامن الفقر ورموه بداهية في مكان قفر وجلعوه ذات ألواح ودسر وعبره يعبرون ثم علي الارائك يجلسون ولا يلتفتون له إلا عندما يريدون قضاء وطر ، ومن بعدها إذا مروا به يتغامزون ، لذا كان شعبنا يسبح في محيط الجهل وفي بحره اللجي ، ولو دفع كل متعلم ضريبته وأخذ كل مثقف علي عاتقه وأقسم علي أن يخرج ربعه من بحور الجهل الي منابع النور لما كنا كالذي كنا فيه ، إذ تمثل في مثقفينا وفي سياسيينا القول القائل ( القلم ما بزيل بلم ) ولذا أتوا بنائب نائبه ، فأصابتنا نائبة الزمان ولم يكتفوا بذلك وجعلوا منه لقمان بل صار آدم سميث فريد زمانه وعمدة الإقتصاد في بلاد السجم والرماد التي لم يمر بها السندباد فسدر في غيه وبسرعة الصاروخ من ( تك ) الي ( مفك ) الي قصر منيف متكئ علي سندس خضر وعبقري حسان ، ثم مسك بكلمة ديمقراطية والتي لا يفرق بينها وبين الفول والطعمية ولا يعرف الواو الضكر من الألف الإنتاية ثم أتي بعسس وجاندرمة من الإنداية وبدو من الصحراء لا يعرفون البداية وسام الناس خسفا أجمعينا وبدل أهل البلاد أمنهم خوفا وأحلهم دار البوار ، فتفرقوا شذر مذر وهلك من هلك ودفن من مات دون أهله وكم من قرية آمنة مطمئنة لبست لباس الجوع والخوف ، ومدني مدينة الجمال وحيثية مؤتمر الخريجين ملئت شؤم وعش فيها أرجائها البؤم ، ومشي الموت في أحشائها يتبختر ، وهنا في قلب الجزيرة النابض التي كانت أرومة علم ولوحة فنان وملتقي أحبة فأرخي الليل سدوله وجاس خلال ديارها جند نيرون ، وهل يا تري فوق ذلك أو بعد ذلك بؤس ، ونتمني أن يكون كما قال ( أحمر عاد ) أنه يبحث عن الديمقراطية ، فنتمني أن يكون قد وجدها ، وتقول ألسن جنده وجدها وجدها وجدها ، وترد حوافر خيله خطفها ،خطفها ،خطفها ، وتردد مدني في مدني وجدها ونرتاح من هذه البلية ، ومازالت رحلتنا علي كبسولة الزمن ليست نحو الإشراق بل في عتامير وهضاليم ليل بهيم ولم تك لنا نوق عصافير نعبر بها البيد ، ولم يكن معنا هدهد سليمان ويأتينا بنبأ يقين ، ومازال المثقف والسياسي عندنا كلما نظر الي الأفق قال : هذا عارض ممطرنا ، وأخذنا بالقول ( المؤمن صديق ) فإذا هو ما استعجلنا به ، ريح فيها عذاب أليم ، فلا مستقبل استشرفنا ولا صبح بلغنا ، فمكثنا في بحر الظلمات ونتمني أن يعود لنا ماضي وإن كان سيرنا هكذا أعرج فلا ماض نرجع إليه ولا مستقبل بادي في الأفق ، وعلي الشعب أن يقف وقفة المتأمل عله يري نجمة الصوي فيخرج من الظلمات كما خرج يونس من بطن الحوت ، وليس ذلك علي الله بعزيز ، فخذوا بالأسباب لتدركوا الأحباب وشتان بين الخطأ والصواب ، ومن لا يحل عقدة زمانه مكث في توهانه ، والله المستعان .

  محمد عثمان المبارك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى