محمد عثمان المبارك يكتب
شوارع بها ثقوب وحفر وأمكنة كأنما لعب فوق أديمها أطفال لعبة تسمي أم الحفر وشوارع كئيبة مكتسية بثوب الحداد مثلما طرق فوقها حداد ومرت عليها سبع شداد وفتك بها عنتر بن شداد ودارت بها داحس والغبراء فأرهقتها قترا وبينما أهلها يمشون مكبين علي وجوههم يتأملون فنجانهم المقلوب ويبكون حصانهم المجلوب الذي من فوقه السرج مقلوب وتبكي نايرات الخدود حي وب ، حليل موسي للرجال خوسة ، وبين هذه الحفر ومنعرجاتها تري سيارات تحمل علم روسيا تدور إبتهاجا فنطير جسدا ودواخلا وجوانحا وجوارحا الي الدومباس وجزيرة القرم فقد وصلت فاغنر مجمع البحرين ولم تمضي حقبا وأجلسوا وكيلهم علي الككر وألبسوه الطاقية أم قرينات فسار موكبا ولاء وطاعة وبأمر بوتن إذ أمر ولموسكو نحج ونعتمر ولها ساحل البحر الأحمر لؤلؤة بضة وغدا نرفع منجلا في ساحة الحرية ونكتب تبا لأمريكا البربرية ووداعا الدول الأوربية وسحقا لبريطانية الإستعمارية فقد أصبحنا وكلاء موسكو في حكم السودان وليس في ذلك بدعا ولا سابقة فقد طلب منها من قبل البشير الحماية فهل يا تري صدقت الحكاية، فماذا ننتظر فقد باع صاحبكم لها الذهب وغني سال من شعرها الذهب وساحل البحر الأحمر لها وهب في إتفاقية بقط جديدة في غفلة أهلها وحسرة شيبها وشبابها والضعفاء من النساء والولدان الذين ينادون الي مريم الشجاعة فقد إنهار الجسر فمن ينقذ القطار ، فمتي يطلق البروجي صفارته وصوت إنذاره فقد أزفت الآزفة ، وأصبحت البلاد أطلال يبكي عليها الشعراء بل لا وجود لشعراء لأن الذين يسيرون عليها غرباء الوجه واليد واللسان فهل يا تري هم حماتها أم ضرتها وحماتها بفتح الحاء ، فقد عبثت بها بغاث الطير وجوابة السفح وتقدمها وتحدث بلسانها الرويبضة ، ليت دقنه نفض عن لحيته الغبار ومتي يكمل النور عنقرة برمته ليركب حصانه قاصدا الخليفة وسائلا عن الدواس ، أين حمدان والزاكي وين النجومي وأين ترك أبوقرجه عصاته وهل عبد الفضيل خلف مدفعه ، والعازة مازالت تنادي عبد اللطيف وصحبه غرزوا النواة الطاهرة.