محمد عثمان المبارك يكتب
الي ماذا يقودنا اليمين المتزمت واليسار المتكلس وكلاهما متشاكس وكل منهما يظن أنه إمتلك الحقيقة وتوجد في معيته الحلول وفي كنانته الحل أحدهما بإسم الدين يدغدغ العواطف ويقود طائفة أعطت عقلها إجازة مفتوحة وفتنت بالشعارات الخلب والهتافات الرنانة ومعسول الحديث الملئ بالتدليس المحشو بالشهوات الذي تعقبه الموائد التي في طيها الفوائد مع توزيع صكوك الغفران وبعضهم يخرج من المولد بدون حمص مثله مثل البغلة المبارية الخيل وطائفة إعتمدت علي السماعيات مع تقليد حركات الشيوخ التي فيها سكن لهم فكان جلهم كأنما مثلهم مثل الذي لم ير فتاة في حياته ولم يعرف الهوي يوما وعندما رأها أول مرة فتن بها وكان قوله أتاني هواها قبل أن أعرف الهوي فصادف قلبا خاليا فتمكنا ، فحل محل الشطر الأخير عقلا خاليا فتمكنا ، أما قبيلة اليسار فمثلهم في الخطي وتعدد الطواقي وكلاهما للدم حبا وللمنطق ذبحا فلا يأتون البيوت من أبوابها وعندهما الغاية تبرر الوسيلة وكل شئ في سبيل التنظيم محمود وأي ذنب من أجله مغفور يحبون الدم ويغنون للقتل وكلاهما فتن بالمسميات وفي كل عهد لهم إسم وفي كل عام إسمين وقد فتنوا بمثني وثلاث ورباع ، فكانت جبهة ميثاق ، الجبهة معادية للإستعمار ، الجبهة الإسلامية ، الجبهة الديمقراطية، الحركة الإسلامية، جبهة الهيئات، وأسامي بين ذلك كثيرا ، فلم تجد زارعا ولم تجلب حاصدا فكانت ثمارهم زقوما وغسلينا، وكثير ممن زاغ بصره نحوها ورجعت بصيرته وأرسل البصر كرتين فر من نحوهم كما يفر السليم من المجزوم ، وكلاهما مرتبط وجوده بوجود الآخر فإذا ذهب أحدهما خفت الآخر ولم يجد من يعاركه ليرفع صوته ويلفت النظر ، وهما مجربان ومن جرب المجرب حاقت به الندامة ، وقد غنينا الندامة في واحد سبعين وعزفناها في تسعة وثمانين فكانت سيول الدماء أنهارا والقتل نهارا وجهارا ، فإن آلت لهم الأمور ثانية لم يبقوا علي أرضكم ديارا وذبحوكم ليلا ونهارا ، فخذوا حذركم فقد أدخلونا جحر ضب خرب من قبل ولا نريد للأجيال القادمة درك شقاء ولا نريد لأنفسنا أن نكتب من جيل الفشل ولا نريد أن يكتبنا التاريخ في سفره العظيم في باب الفاشلين ورموز الفشل وفي أول صفحة جيل اللعنة مع المنبته التي لا أرض قطعت ولا ظهر أبقت وقد طغت سيرة محمد أبو الكليك فكان مصير الدولة السنارية المحتوم وها نحن نقترب منه أو بين قوسين أو أدني فماذا أنتم فاعلون ، فإن لم ندرك البلاد ولم نصل الي كلمة سواء، سوف نردد بقت النهاية المحزنة وصدقني ما بقدر أعيد .