مقالات

هكذا كان قادة بلادنا النواضر نجوم أزاهر

المسار نيوز هكذا كان قادة بلادنا النواضر نجوم أزاهر

كانوا نجوم صوي وحداة ركب فذكرهم التاريخ ومشت بسيرتهم الركبان ، يقصدون في مشيهم ويغضضون من صوتهم ، وسمت بهم الأخلاق فكانت جباههم عالية كما نفوسهم ، هكذا كانوا قادة بلادنا النواضر ، فأطل علينا كل ثاثاء فافاء ومن تبعهم من ببغاء وبغلات ومن ضل السبيلا وعلا حديثهم عن دولة سته وخمسين (56 ) ، وكثير منهم يخوض مع الخائضين ويقف ما ليس له به علم ، ومنهم من يردد قول آخرين وهو أعشي ولا يكاد يبين حتي صار مثله مثل الذي سمع هديل حمامة فقال شجت قلبي ولم أفهم شجاها ، إنهم سادتي الذين يقرعون طبولهم ويرسلون قولهم المسئ ثم يقولون دولة سته وخمسين ويسوقون الكلم علي علاته ويرمونه الكلام علي عواهنه ، ومنهم من يمد لسانه ولم يدرس التاريخ ولم يستحضر الماضي لا بعيده ولا قريبه ثم يرمي دولة سته وخمسين بكل داهية ، كما رمي القوم بها البرامكة من قبل لدي الرشيد ، فأقبل يحيي البرمكي مستعطفا الأمير وشافعا لقومه ، أما (56 ) تاريخ ليس ببعيد وكثير من شهوده أحياء يمشون علي الأرض هونا ، نسأل الله أن يمد في أعمارهم ويصلح بالهم ، إنها لم تكن دولة جلابة كما يزعمون ، فقد كان عظيم بني هلبة وناظرها عبد الرحمن دبكة المؤمن بوطنه العاشق لترابه هو المقترح الأول للإستقلال فأستقبله الجميع بالتهلال من داخل البرلمان ، ثم ماذا كان يكون بينهم في داخل البرلمان من جدال وأصوات ترتفع وأخري تنخفض ثم همس يدور يخالهم الحاضر أنهم بعد دقائق سيتعاركون ، وعندما يخرجون من البرلمان يقبل بعضهم علي بعض يتعانقون ثم سويا علي مائدة الإفطار يجلسون فقد جسدوا أن الإختلاف لا يفسد للود قضيه بيانا ، ألم أقل لكم إنهم ملح الأرض وملائكة الزمان ، فكم رموا الشريف الحسين بداهية لم يتبرم منها ففندها ولم يخاصم القائل ، وكم كان بينهم من جدال تلاه عناق ، إنهم قادة سته وخمسين ، فكيف بك أيها الوليد أن تتحدث عن مظالم التاريخ كالذي سيفه مع معاوية وقلبه مع علي ، كيف بك يا إبن الزعيم أن تجهل التاريخ وتحتفي ب ( كتلة المتمة ) ، ألم يكن من السلطة القائمة آنذاك ، ألم تكن هي نفس السلطة التي شنقت جدك ( مادبو الكبير ) زعيم وناظر عموم الرزيقات في قلب الضعين وأهلك ينظرون وهم صامتون وبلغت قلوبهم الحناجر وملك الحزن الرجال وعلا السواد النساء ، فمن فعل ذلك في جدك الزعيم ألم يكن التعايشي الذي جاورك في الإقليم ، وكما فعل في المتمة وجدك نكل بزعماء كثر ، ثم قتل شفع رضع وجلد شيوخ ركع ، ثم بعد ذلك تاريخ كذوب ، فقد قال الخليفه لجنده يوم كرري أهجموا علي الانجليز صباحا ، فقال له العارفين بالأمر والمدركين للحرب نهجم عليهم ليلا ، فرفض الخليفة رايهم وأمرهم بأن يهجموا نهارا ، وقال لهم نأخذهم ( قنقر ) حتي يجروا ( دنقاس ) فكان يا ما كان ، ثم يأتي شاعرنا بعد ذاك بتاريخ كذوب حيث يقول ( كرري تحدث عن رجال كالأسود الضارية ) ولم نقل في ذلك شئ فهم للشجاعة أهل ، ولكنه عقب بقوله ( شتتوا كتل الغزاة ) ولكنهم يا حسرتي قد ماتوا موت ( الضأن ) فمن فعل ذلك أيها الوليد ؟ هو نفس الفاعل الذي فعل بجدك الزعيم ، أغفور رحيم عليه وأنت في أمته ومن أمته ، وحتي أسرة المهدي شيخه أصابهم منه ما أصاب ، فلتذكر الخليفة شريف إن شئت أيها الوليد ، ثم نسأل الوليد ألم يكن جدك لأمك أحمد مكي صاحب السيرة العطرة محافظا للخرطوم في الخمسينات ثم كان والدك الرمز الوطني والوزير في المركز النيلي الذي زعمت في ستينات القرن الماضي ، فهل كان من نخبة المركز أم ماذا تقول ، ثم نطوف قليلا في السودان القديم فنجد بالقرب منك وفي ديار المسيرية الرجل الأمة الشهم الكريم الشجاع المصادم للنظم الشمولية المدافع عن الديموقراطية والحرية والسلام.. الرجل القومي سياسيا واجتماعيا طيب الذكر والسيرة الشيخ محمود الخبير طعم مجالس بابنوسة وكردفان وعطرها الفواح.. وقدظل ممسكا بمبادئه وولائه للزعيم اسماعيل الازهري وخليفته الفارس الفذ العلم الشريف الحسين يوسف الهندي وقيادات الحركة الوطنية الاتحادية شيخ العرب الحاج مضوي محمد احمد والمجاهد الكبير علي محمود حسنين وأولاد حضرة الكرام عمر وحسن والأستاذ عبدالوهاب خوجلي وشاعر الحزب الاتحادي الزين احمد عثمان( الجريفاوي) وغيرهم ( فالرحمة لمن مضي والعافية للحاضر ،) وقد كان ثابتا علي مبادئه رغم الملاحقة والاعتقال والتهديد في النفس والمال والعمل.. لا يبالي بما يلاقيه في سبيل ذلك وكان امينا مؤتمنا حافظا للاسرار الخطيرة التي حال انكشافها يعانق عنقه حبل المشنقة المهين.. وكان دكانه في سوق بابنوسة منتدى جامع للنخب وعامة الناس.. وكان مبادرا و مشاركا في كل ما يهم مجتمعه ويعتبر نفسه ويعتبره المسيرية زعيما وقائدا منهم ولهم هكذا سادتي كان رجال ستة وخمسين وقادة المجتمع كلهم يجمعون علي الوطن ويعرفون كيف تدار الأمور ، فقد كانوا أهل حل وعقد وبيت للحكمة لا يميل بهم الهوي ولا حزب ولا قبيلة يكسبون بعضهم بالتواصل يتسابقون في رضا شعبهم لذا كانت منازلهم في النجوم وعمت شهرتهم الآفاق فمن الذي لا يعرف مادبو ، ومن الذي لا يعرف شيخ العرب ، ومن الذي لا يعرف بامكار ، ومن الذي لا يعرف الأزهري الذي أحتفلت به قبيلة الرزيقات بكل بطونها وكان ذلك يوم مشهود وتلك أيها السادة دولة (56 ) وكيف بالذين لا يدركون تاريخا أن يقولوا ما لا يعلمون ، فتلك لعمري جهالة لا تعلوها جهالة ، فأمة ماضيها أسمي من حاضرها فأعلموا أن الجهل مشي في مناكبها والجاهل إمامها وأمامها حتي صار للاقتصاد منظرا ولأساتذة الجامعات محاضرا ، وحينها نهاية أمة ودار الفناء لشعب أو الساعة قاب قوسين أو أدني .

  محمد عثمان المبارك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى