أبرز الأخبار

وداعا حمدوك: الحزب القومي السوداني يلوح بمغادرة سفينة (تقدم) قريبا.

المسار نيوز وداعا حمدوك: الحزب القومي السوداني يلوح بمغادرة سفينة (تقدم) قريبا.

ورد في الاخبار أن الحزب القومي السوداني بقيادة بروفسور الأمين حمودة علي شفأ حفرة من مغادرة تحالف القوي الديمقراطية المدنية (تقدم)، وجاء في تصريح منسوب لقيادي بالحزب أن الحزب القومي بات قريبا من مغادرة تقدم، وسط تصاعد نبرة عدم الرضأ من توجه تقدم داخل أروقة الحزب القومي السوداني،.
الحزب القومي السودان معروفة تاريخه السياسي ونضالاته تجاه السودانيين عموما وجبال النوبة بصفة خاصة وهو الحزب الذي اسقط ضريبة الدينية ومال الهواء ضمن نضالات رئييسة المرحوم محمود حسيب والاب فيليب غبوش، وهذا يضعه ضمن أكبر الأحزاب في السودان الآن.
انسحاب الحزب من تحالف تقدم يعبر عن عدم رضا قيادة الحزب لوضعية الحزب داخل تحالف (تقدم)، والتي يعتبرها بعض قادة الحزب بالمهينة ولا تتناسب مع تاريخ الحزب، خصوصا بعد تجربة الحزب القومي المريرة للغاية في تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير.
ولكن ما الاسباب التي تجعل الحزب القومي السوداني يلوح مغادرة تحالف (تقدم) في هذا ألتوقيت بالذات. فالناظر الي الحزب القومي السوداني يجده أنه واحد من الأحزاب السودانية القليلة التي تتبنى العلمانية والفدرالية والسودانية كشرط أساسي لإعادة بناء السودان ومدخلا لمعالجة كافة الإشكاليات بما في ذلك إيقاف الحرب بالسودان.
وتحالف (تقدم) لم تحسم حتي اليوم مسألة (علمانية) الدولة وشكل الدولة بصورة حاسمة بقدر هرولتها نحو أيقاف الحرب والاتجاه نحو فترة إنتقالية تتوزع وتتقاسم التنظيمات المكونة ل(تقدم) المناصب في الفترة الانتقالية.
ولكي يحدث ذلك عمدت تقدم الي ضم الحزب القومي السوداني وجعله واحدة من الواجهات ألتي تعبر عن چماهير مناطق محددة بعينها (جبال النوبة) في سبيل تحقيق توسع أكبر في القاعدة الجماهيرية وتحقيق قبول لها هناك.
المعروف أن الحزب القومي السوداني كان من الأعضاء الفاعلين في قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي ضمن كتلة نداء السودان ويعتبر من مؤسسيها في العاصمة الإثيوبية اديس أبابا في العام 2014 رفقة حزب الامة القومي برئاسة السيد الصادق المهدي وقوى الإجماع الوطني والحركة الشعبية _شمال وشارك الحزب القومي السوداني في ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٨م وقدم عددا من الشهداء والمصابين والجرحى حتى سقوط نظام الإنقاذ ولكنه لم يجد التمثيل الذي يوازي تاريخه ونضالاته لا في لجنته المركزية ولا في حكومة الثورة الأولي والثانيه ولم يجد التمثيل في جميع المستويات وهذا الوضع ما يقلل عضوية الحزب الان من هذا التكتل الجديد الفضفاض اقوي الجلابة من الوسط المتمثل في تقدم.
المتوقع أن يتجه الحزب القومي السوداني بعد أن ينفض ويغسل يده عن تحالفه مع (تقدم) الاتجاه الي تفعيل تحالفات قديمة للحزب مع قوي أخري وتفعيل الإعلان السياسي الذي وقع مع الحركة الشعبية بقيادة الحلو في 21 فبراير 2020م والذي ألحقه بتوقيع مذكرة تفاهم مع الحركة الشعبية بمدينة جوبا و في 24 يناير ٢٠٢٣ ومعروف أن علاقة الحزب القومي مع الحركة الشعبية وضحت بصورة كبيرة في العام 2002م حينما توحدت كل فصائل الحزب القومي بكاودا واعطت تفويضا نراه ليس مستحقا للحركة الشعبية الام بقيادة الدكتور جون قرنق ديمبيور من أجل مناقشة قضايا النوبة والتي اثمرت عن برتكولي المنطقتين جبال النوبة والنيل الأزرق وتحققت به المشورة الشعبية التي لم تلبي طموح وتطلعات جماهير الحزب.
حقيقية الأمر لم نري أي رؤية واضحة ل(تقدم) في مسألة قضايا الحرب والسلام بجبال النوبة ورؤيتها لقضية جبال النوبة سؤي خطوط عريضة لا تتناسب مع الأهمية التي توليها قيادة الحزب القومي وتطلعات الحزب الي وقف الحرب في جبال النوبة/ جنوب كردفان والتي تمثل المنطقة مصدر القاعدة الجماهيرية للحزب.
حيث تري قيادة الحزب القومي أن مناقشة قضية جبال النوبة ووقف الحرب فيها يمثل مدخلا أساسيا لتحقيق الأمن والاستقرار وتحقيق التحول الديمقراطي ومبدأ العدالة والمسائلة والمحاسبة و المصالحات والعدالة الانتقالية جميعها متطلبات جوهرية لضمان السلام المستدام والأمن في السودان.
وهذا التفكير بعيد جدا في التناول والاشارة إليه بوثائق (تقدم) ولا يوجد الإشارة إليه بصورة عميقة وواضحة وتفصيلية حتي يجد ذلك تطمينات كافية لدي قيادة الحزب القومي السوداني وجماهيرية التي تنتقد انضمام الحزب ووجوده داخل (تقدم).
وكعادة النخب السياسية السودانية وبعضها موجود داخل تقدم لايعنيها كثيرا طرح والتصدي لمحاربة ظاهرة الإفلات من العقاب وإنصاف الضحايا ضرورة لبناء المصالحة الوطنية ومن ضمنها النص والتأكيد علي معاقبة مجرمي الحرب. وفتح ملفاتها بجبال النوبة، وبالتالي ضرورتها لتضميد الجراح وتعزيز قيم التعايش السلمي وتقوية النسيج الإجتماعي من جديد وإعادة بناء الدولة السودانية من جديد.
الرؤية التي تطرحها (تقدم) لوقف الحرب الدائرة الان لا تجد لها رواج خصوصا وأن تقدم أصبحت جزء لا يتجزأ من الحرب وهي حاضنة سياسية للدعم السريع، وهي الآن في نقطة يمكن تصنيفها طرف داعم لأحد طرفئ الصراع وهو الدعم السريع. فلذا فإن حديث قادة تقدم عن ضرورة الحرب وقف الحرب لا يتعدي اتفاق سلام بين الجيش والدعم السريع وإعادتهم الي المشهد السياسي من جديد عبر حكومة الفترة الانتقالية ويكون الحزب القومي وغيرها من الأحزاب التي تراها مناطقية مجرد كبري موقت يتم إتلافه بعد عبور المرحلة السياسية الحالية.
فات علي جماعة (تقدم) بأن وقف الحرب والاستقرار المنشود يبدأ بمعالجة جذور مسبباتها، والاتفاق علي شكل الدولة وإدارتها قبل التفكير في طريقة إدارتها، والتنمية المتوازنة للمناطق المتاثرة بالحرب و التمييز الإيجابي التي تتحدث عنها وثائق تقدم غير كافية مطلقا لتحقيق سلام شامل وعادل يلبي مطالب جماهير الأحزاب التي تعتقد أنها مناطقية وترغب في ضمها تحت جناحيها والطيران بها في أودية الاحلام بالحديث عن الحرية والسلام والعدالة.
كل الخطط والرؤية المطروحة من تقدم أو غيرها مالم تشتمل علي نقاط واضحة تؤدي إلي إصلاحات واسعة وحقيقية لإنهاء عقود من التهميش والتمييز و الإختلال التنموي كان نفس السياسية في تقدم جزء منه يعتبر مضيعة للزمن وبالتالي الانحياز لأحد أضلاع السودان القديم الذي يتحلى الان (جناح البرهان جناح الدعم السريع).
غسل الحزب القومي يديه المتوقع وفضةالشراكة مع (تقدم) يبدو أنه رفض صريح لمحاولة تنامي نفوذ بعض الأشخاص والأحزاب داخل تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية للإنفراد بالقرار داخلها والتخطيط للانفراد بالساحة السياسية مستقبلا في حكومة الاحلام المتهمة ل(تقدم).
مغادرة الحزب القومي السوداني بقيادة الأمين حمودة لتقدم كان متوقعا نتيجة للإختلاف الواضح بينهما في الرؤية والحل للخروج من الازمة السياسية الراهنة، وإعادة هيكلة الدولة السودانية، والموقف من النظام البائد، وتقييم اسباب إندلاع واستمرار الحرب القائمة بالان بالسودان.
والأهم من كل ذلك هو نظرة الحزب القومي لتكوين تنسيقية القوي الديمقراطية المدنية تقدم والتي جاءت علي لسان القيادي بالحزب عثمان كندة بأن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” هي إستنساخ للجنة السودنة التي كونت في 1955 م وتكرار لفشل النخب في الإستئثار بالسلطة وتغييب الهامش العريض من لبنات تأسيس الجمهورية الثانية وما بين الحرية والتغيير المجلس المركزي و التنسيقية يضيع ممثلوا الهامش.
ويبدو أن الذين يودون الإستمرار في هذه التحالف المهين ليسوا جديرين بثقة جماهير وأعضاء الحزب القومي السوداني الذي اسقط مشروع الدستور الإسلامي من داخل قبة البرلمان في العام 1964 ومثله في ذلك كل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي ظلت تناضل من أجل حقوق وقضايا الهامش الي اليوم ضد تسلط وتحكم أحزاب الشلليات والبيوتات القديمة في تشكيل الحكومات الانتقالية، والتأكيد علي ذلك والمستغرب له هو وجود إبراهيم الميرغني وزير الدولة بوزارة الاتصالات في عهد حكم المجرم عمر البشير المباد قياديا في المجلس المركزي وتحالف (تقدم) فإنه لعمري ليس سواء امتدادا متوارثة لحكم السودان من خلال شلة البيوتات القديمة دون مصوغات ومبررات ثورية.
قيادة الحزب القومي السوداني أصبحت لديها رؤية بعيدة وثاقبة تجاة الوضع السياسي في السودان وجولات تقدم الأخيرة ومواقفها المتماهية مع قوات الدعم السريع، وذلك يستشف من حديث عدد من قيادات الحزب في الإعلام مؤخرا، وقد صرح القيادي في الحزب القومي عثمان حسن كندة كربوس بأن الفرصة الان أصبحت مواتية للقفز من سفينة تقدم الغارقة في وحل السودان القديم.
فاذا خروج الحزب القومي السوداني من تنسيقية (تقدم) تضع الشرعية الثورية لتحالف تقدم في موقف محرج جدا بعد مغادرة الحزب القومي السوداني باعتباره ثالث أكبر حزب سوداني من حيث عدد الأصوات في ثالث انتخابات ديموقراطية في السودان 1986وأكبر حزب سوداني الآن مع تراجع الاحزاب التقليدية وذهاب المؤتمر الوطني الي مزبلة التاريخ بثورة ديسمبر المجيدة

الفاضل سنهوري
٢٧ فبراير ٢٠٢٤م.
.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى