يدرك الجميع أنه لا يمكن للدول أن تعيش بمعزل عن محيطها الدولي
يدرك الجميع أنه لا يمكن للدول أن تعيش بمعزل عن محيطها الدولي بمؤسساته المختلفة القانونية والتشريعية والمالية والثقافية هذه حقيقة، ولكن الحقيقة أيضاً أنه ليس بوسع حكومة في أي رقعة من الكرة الأرضية الإستفادة من علاقاتها الدولية سوى الأممية أو غيرها، دونما الارتكاز على ثوابت الأمة والتي قطعاً هي ثقافتها وتاريخها وإرثها وهويتها وإتفاقها ومصالحها وتماسك جيشها وقواتها النظامية.
لا يمكن الإستفادة من العلاقات الأممية والدولية في ظل التشظي والتشرزم والانقسامات، هل من الممكن أن نقول أن المجتمع الدولي أحن علينا وأرأف بنا من بني جلدتنا؟
الطبيعي أن يتفق السودانيون كلهم على ماهي مهمة البعثة الأممية، ماهي حدود صلاحياتها، هل فعلاً تريد أن توحد الفرقاء! وبأي آلية وبأي وسيلة؟ لكن ليس من الطبيعي أن يصمتوا حال تجاوز البعثة لمهامها والتفويض الممنوح وماحك جلدك مثل ظفرك.
إن تجارب من حولنا ومن التاريخ القريب والبعيد تجعل توجس السودانيين مبرراً.
إن الخلافات بين الفرقاء موجودة منذ الأزل فأي غبينة تلك التي تحمل هؤلاء على أن يشترو العمالة بالوطنية، وتمزيق السودان بوحدته، فما أصبرهم على هلاك الأوطان وانهيارها عندما يصبح الجميع بلا وطن، فمعسكرات اللجوء لا تميز بين حكام ومحكومين عندما ينهار المعبد على الجميع.
إن الوطنية الحقة ليست أن تولوا وجوهكم قبل جهات معادية والإرتماء في أحضان الغريب صاحب الأجندة، ولكن الوطنية الحقة هي التي تميز ما بين الوطن والحكومة وبين الخلاف والتنازع الذي يؤدي إلى الفشل ثم ذهاب ريح الوطن لا سمح الله، اروني ماذا فعلت التدخلات فى العراق وليبيا واليمن وسوريا وغيرها، هل ملأت الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً..أم أن تجربة السودان في هذا التوقيت ستكون بدعاً من الدول الأخرى؟ إن الرهان والرك على الحل الداخلي وأي حل لا ينطلق من منصة التلاحم الوطني وصون الكرامة والمصالح العليا فهو إلى زوال أو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.
الوفاق الوطني هو هدفنا، والحوار هو طريقنا، ولعمري ما ضاقت بلاد بأهلها لكن أخلاق الرجال تضيق..
رمضان كريم