المسار : أنفٌ يتنفس الطلاقة
ويسألونك عنها ، قل سائلوا الإسم مترادفاتٍ ومدلول ..
والمسار هو المنهج والنهج ، فكرةٌ قوامها الحضارة الغالبة والقيم الحاكمة لهذه الأمة ، بمعزلٍ عن التشويه والتشويش الذي كاد أن يعصف بها . دخل المنبتون القادمون من المنافي كالجرزان المسعورة ذات ليلٍ أرمد وهم يجهلون أين نزلوا .. لا شأن لهم بالمهدي الكبير ، وليس في وعيهم علي عبد اللطيف .. يجهلون خليل فرح وبت بتي وبروف عبد الله الطيب .. لا علاقة لهم بالطابية ولا متحف علي دينار ولا الدفوفة .. من اللامكان واللازمان هبطوا ، وما نزلوا ذات صباحٍ واعدٍ بمطاعم “الله كريم” ، وليس منهم من قضى ليلة تتنفس العافية بمقاهي الدلنج ثم تجول صباحاً في أسواق “الكرقل” .. لم يعبروا كبري “دوماية” فجراً ، ولا شاهدوا أنواع الطيور النادرة تضع أعشاشها في أعالي الطلح عند “الديسة” .. هؤلاء لم يتناولو الإفطار بسوق الشاحنات في نيالا ، ولم يقطفوا من بعض نخيل الشاطئ في البركل رطباً زاهية ألوانه .. ما أناخوا الركب في كسلا والجبل المهيب يشهد تأريخا ماتزال قداساته محل جدل ، ولا عبروا ما بين “بنا” وحتى تلال “أكد” .. بلاد حتى تتعلق بها وتقدس ترابها يلزمك أن تألفها وهاداً ونجاد ..
لكنهم هبطوا يجهلون كل شئ ؛ المقومات والقيم .. هبطوا بخبثهم وفوضوية أفكارهم ، بيد أن اصطلاح القاش، وخور دوماية ، والعطيرة ، والأزرق ، ووادي الجنينة ، والأبيض الصبار أن تكتسح كل قذارةٍ حفظاً لبشاشة وجه الأرض .. أن ترفضَّ ضد كل دخيلٍ يحمل جنسية مزدوجة ، وبوجه لا يحمل ملامح أهل البلد .
هبطوا ذات ليلٍ داجٍ وتصوروا أنهم ملوك الزمان حتى منتهاه ، لكن حواضر البلد البهي قالت للفريق البرهان والجمع الميمون من حوله : افعل ، ففعل وكان الخامس والعشرين من اكتوبر فيصلاً بين “الجد واللعب” ..
ويسألونك عن “المسار” قل هي حربٌ على الآتين من العدم .. شمسٌ تعري ورقة التوت فيتبدى للملإ ما حاق بالبلاد والعباد وما كان ينتظرهم من إذلالٍ وعوزٍ وقحط في عهد ناشطي “قحت” .. قل أنها الخنجر في خواصر ما ألفت غير الهزِّ والعيش الرغيد المدفوع باختراق أرض الأنهار والخصب والنماء وقيم إنسانها المركوزة في لاوعي الأجنة وهم في الأرحام ..
قل أنها سلامة المنطلق ، وطلاقة القول ، ومطلق الشفافية ، والحرب على الفساد وتعرية كل مسكوتٍ عنه بلسانٍ حديدٍ غير هيابٍ ولا وجل .. قل أنها الإنتماء لزمنٍ جديدٍ تطغى خلاله الأحلام الموضوعية على أحباط السنوات الثلاث التي تصرَّمت .. قل أن همها هو إنسان هذه البلاد ، سيادته على أرضه ، وكرامته وتعويله – بعد الله – على فيوض مواردها الواعدة .
لا علاقة له بملامحنا
مسار وسيلة نهج أسلوب اتجاه نحو منهج دليل عبور مرور